تعديل العطلات الرسمية في سوريا يثير جدلاً واسعاً: بين إعادة كتابة التاريخ وتهميش المكونات
الدولة الجديدة تعيد كتابة “رزنامة الذاكرة” السورية… ومن يُستثنى من العيد؟
في خطوة وُصفت بأنها “إعادة رسم للذاكرة الوطنية”، أصدر الرئيس الانتقالي السوري أحمد الشرع مرسوماً جديداً يقضي بتعديل جدول العطلات الرسمية في البلاد، ما أثار جدلاً واسعاً داخل سوريا وخارجها.
التعديلات شملت إلغاء الاحتفال بذكرى حرب تشرين عام 1973 وعيد الشهداء الذي يوافق السادس من مايو/أيار، واستبدالهما بعطلتيْن جديدتيْن هما ذكرى انطلاق الثورة السورية في 18 مارس/آذار وعيد “التحرير” في 8 ديسمبر/كانون الأول، الذي يرمز إلى سقوط نظام بشار الأسد.
ردود فعل منقسمة
المرسوم أثار ردود فعل متباينة على منصات التواصل الاجتماعي؛ فبينما اعتبره البعض “خطوة نحو طي صفحة البعث وبناء هوية جديدة للدولة”، رأى آخرون أنه “محاولة لطمس رموز تاريخية شكلت جزءاً من الوجدان الوطني”.
الكاتب السوري أحمد علي كتب على منصة “إكس” أن القرار “يلغي تضحيات السوريين في مواجهة الاحتلالين العثماني والإسرائيلي”، فيما اعتبر آخرون أن حرب أكتوبر كانت انتصاراً لمصر أكثر مما كانت لسوريا، وبالتالي لا مبرر لاستمرار الاحتفال بها.
الصورة: رويترز (Reuters)
غياب الأكراد والدروز عن قائمة العطل
الجدل لم يتوقف عند حذف المناسبات البعثية القديمة، بل امتد إلى تجاهل أعياد مكونات رئيسية في المجتمع السوري.
فقد أعربت منظمات كردية وآشورية عن استيائها من عدم إدراج عيدي نوروز وأكيتو ضمن قائمة العطل الرسمية، معتبرة أن القرار “يكرّس الإقصاء الثقافي”.
كما لفت ناشطون إلى أن الطائفة الدرزية أيضاً لم يُدرج أيٌّ من أعيادها، مثل عيد النبي شعيب، في اللائحة الجديدة، رغم أن هذه المناسبة تُعد من أهم الأعياد الدينية والاجتماعية للطائفة، ويُحتفل بها سنوياً بين 25 و28 نيسان/أبريل.
ويرى مراقبون أن استبعاد هذه الأعياد من المرسوم الجديد يعكس “استمرار التهميش الرمزي للمكوّنات السورية غير المركزية”، خصوصاً بعد سنوات من الضغوط السياسية التي واجهتها الطائفة الدرزية في مناطق السويداء وجبل العرب.
دلالات سياسية
يرى محللون أن المرسوم الجديد يتجاوز مسألة تنظيم الإجازات، ليعبّر عن رغبة السلطة الانتقالية في بناء سردية وطنية جديدة تُعيد تعريف “المناسبات التي تستحق الاحتفاء”، وتفصل بين ما يُعتبر إرثاً من النظام السابق وما يُراد ترسيخه في الدولة الجديدة.
غير أن تغييب الأعياد القومية للطوائف والمجموعات غير العربية قد يفتح الباب أمام جدل جديد حول مفهوم الهوية الوطنية السورية في مرحلة ما بعد الحرب.



