الرئاسة الإيرانية: تفعيل آلية الزناد سيعيد العقوبات ويقضي على مكاسب الاتفاق النووي
طهران تحذر من “تكرار أخطاء الماضي” وتؤكد أن الاتفاق لم يكن خطأً بل “فرصة أضاعها الآخرون”
طهران – خيبر أونلاين
حذّر محمد مهدي طباطبائي، مساعد شؤون الاتصالات والإعلام في المكتب الرئاسي الإيراني، من أن أي خطوة غربية نحو تفعيل آلية الزناد ستعني عملياً عودة شاملة للعقوبات المفروضة على إيران، مشيراً إلى أن هذه الخطوة “ستعيد الوضع إلى ما كان عليه قبل توقيع الاتفاق النووي عام 2015”.
وقال طباطبائي في مقابلة مع قناة SNNTV الإيرانية إن “الاتفاق النووي لم يكن خطأً كما يدّعي البعض، بل كان أداة لرفع العقوبات لمدة عشر سنوات”، لكنه أضاف أن “تفعيل آلية الزناد يعني انهيار كل ما تحقق وإعادة البلاد إلى ظروف ما قبل الاتفاق”.
“إيران في وضع أقوى اليوم”
وأكد المسؤول الإيراني أن بلاده أصبحت اليوم “في موقع أكثر تقدماً من الناحية النووية” مقارنة بالسنوات السابقة، مشيراً إلى أن طهران “طوّرت قدراتها التقنية والعلمية رغم العقوبات والضغوط”.
وأوضح أن “الاتفاق النووي منح إيران فرصة لتجميد العقوبات وتحقيق نمو اقتصادي نسبي، لكن استمرار سياسات الغرب العدائية قد يعيد المنطقة إلى حالة من التوتر الشامل”.
“واشنطن فقدت الثقة”
وفي تصريحات أخرى للقناة ذاتها، انتقد طباطبائي السياسات الأميركية المتقلّبة، قائلاً إن الولايات المتحدة “أخلّت بنظام العلاقات الدولية من خلال انسحابها الأحادي من الاتفاق النووي في عهد دونالد ترامب”، مضيفاً أن “تجارب السنوات الأخيرة أثبتت أن واشنطن لم تعد شريكاً موثوقاً في أي اتفاق طويل الأمد”.
وأضاف:
“لو كانت إدارة الرئيس جو بايدن موجودة آنذاك، لما اندلعت حرب الأيام الاثني عشر. أميركا بايدن تختلف عن أميركا ترامب، لكن الإشكال الحقيقي كان غياب الضمانات الملزمة.”
خلفية تاريخية
يُذكر أن الاتفاق النووي تم التوصل إليه عام 2015 بعد مفاوضات طويلة بين إيران ومجموعة 5+1 (الولايات المتحدة، بريطانيا، فرنسا، ألمانيا، روسيا، والصين). وقد نصّ الاتفاق على تقييد أنشطة إيران النووية مقابل رفع العقوبات الدولية المفروضة عليها.
إلا أن واشنطن انسحبت من الاتفاق عام 2018 بقرار من الرئيس آنذاك دونالد ترامب، ما أدى إلى إعادة فرض العقوبات الأميركية وتشديد الضغوط الاقتصادية على طهران.
ورداً على ذلك، بدأت إيران التراجع تدريجياً عن التزاماتها النووية، بما في ذلك زيادة مستويات تخصيب اليورانيوم، وهو ما دفع الترويكا الأوروبية (فرنسا، ألمانيا، وبريطانيا) إلى التلويح مجدداً بتفعيل آلية “الزناد”، التي تعني إعادة فرض العقوبات الدولية تلقائياً.
“النووي السلمي” في مواجهة الشكوك الغربية
وجددت الرئاسة الإيرانية التأكيد على أن برنامجها النووي “سلمي بالكامل”، وأن طهران “لن تتخلى عن حقها في امتلاك التكنولوجيا النووية المدنية”، مشيرة إلى أن الاتهامات الغربية بأنها تسعى لتطوير سلاح نووي “جزء من حملة سياسية تقودها إسرائيل وبعض الأطراف في الغرب”.
وقال طباطبائي إن بلاده “لن تقبل بأي تهديد جديد”، مؤكداً أن “طهران مستعدة للدفاع عن مصالحها المشروعة في وجه أي تحرك عدائي أو ضغوط اقتصادية إضافية”.
قراءة ختامية
يرى مراقبون أن تحذير الرئاسة الإيرانية من آلية الزناد يعكس مخاوف حقيقية في طهران من عودة العزلة الاقتصادية الكاملة، في وقت تواجه فيه البلاد ضغوطاً داخلية متزايدة وأوضاعاً إقليمية معقدة.
كما تشير اللهجة الإيرانية الجديدة إلى أن الحكومة تحاول إظهار مرونة دبلوماسية دون أن تُظهر ضعفاً سياسيًا، في ظل تصاعد التوتر بين واشنطن وطهران حول الملف النووي والأنشطة الإقليمية لإيران.



