جبهات مترابطة: كيف تتقاطع المواجهة بين إيران وإسرائيل من لبنان إلى اليمن؟
تصعيد متعدد المصادر يكشف امتداد النفوذ الإيراني وتكثيف الاستهداف الإسرائيلي
في ما يبدو كمؤشر على احتمال تجدد المواجهة العسكرية بين إسرائيل وإيران، نقلت هيئة البث الإسرائيلية عن “مصدر أمني” قوله إن إيران تنخرط في سباق تسلّح متسارع، استعدادا لاحتمال شنّ إسرائيل ضربة مباشرة داخل الأراضي الإيرانية.
وزعم المصدر الأمني، وفقا لـ”كان 11”، أن طهران تعمل على إعادة ترميم نفوذها الإقليمي الذي تضرر إثر الحرب الأخيرة مع إسرائيل، و”تكثّف من عمليات تسليح جماعة الحوثي في اليمن، وتزويد حزب الله في لبنان ومجموعات مسلّحة في سوريا بعتاد جديد، بالتوازي مع تسريع وتيرة تهريب الأسلحة إلى الضفة الغربية”.
وبحسب المصادر الإسرائيلية، تتعامل إيران مع نهاية العام الجاري - وهو الموعد الذي وضعته تل أبيب لنزع سلاح حزب الله - كـ”ساعة صفر” محتملة لمواجهة مباشرة متعددة الجبهات.
شبكة جبهات عابرة للحدود
تقول وسائل إعلام إسرائيلية إن ما يقلق المؤسسة الأمنية في تل أبيب هو “ارتباط ميداني متزايد بين حزب الله والحوثيين”. وقد نفّذت إسرائيل خلال الأشهر الماضية سلسلة اغتيالات لقادة عسكريين من الصف الأول داخل “حزب الله”، تشير تقارير إلى أنهم لعبوا أدوارا مركزية في بناء القدرات العسكرية للحوثيين.
في أواخر نوفمبر، نشر موقع “ديفينس لاين” اليمني صوراً لرئيس أركان الحوثيين محمد عبد الكريم الغماري، الذي اغتالته إسرائيل في أغسطس 2025 جنوب صنعاء، وظهر فيها وهو يتحدث عن “تضحيات قادة حزب الله” خلال دورة تدريبية.
وبحسب الموقع، كان المسؤول عن تلك الدورة محمد حسين سرور (الحاج أبو صالح) القائد في “قوة الرضوان”، الذي قُتل في غارة إسرائيلية في سبتمبر 2024. ويُعرف سرور بأنه “مهندس القوة الصاروخية للحوثيين”.
كما ظهر في الفيديو القيادي علي عادل الأشمر (الحاج أبو مهدي)، الذي اغتيل في ضاحية بيروت في نوفمبر 2024، وكان من أبرز المستشارين الذين عملوا مع الحوثيين ميدانياً.
الضربة الأكبر: اغتيال هيثم الطبطبائي
تُعد الضربة الأكثر وقعاً العملية التي طالت القيادي الأبرز في “حزب الله”، هيثم علي الطبطبائي (أبو علي)، في قلب الضاحية الجنوبية لبيروت أواخر نوفمبر. وبحسب مصادر خاصة لـ”الحرة”، لم تستغرق العملية من لحظة رصد الهدف إلى تنفيذها سوى ساعة واحدة.
وكان الطبطبائي - الذي قاد سابقاً “قوة الرضوان” وتولى إدارة العمليات في سوريا - يشرف على بناء القدرات القتالية للحوثيين طوال تسع سنوات، من 2015 إلى 2024، وفق ما صرّح به نائب الأمين العام للحزب نعيم قاسم.
قوة الرضوان: الذراع العابرة للحدود
اغتيال أسماء بارزة مثل محمد سرور، عادل الأشمر، إبراهيم عقيل، علي جمال الدين جواد، وباسل شكر، يكشف عن تطور “قوة الرضوان” إلى ذراع خارجية لـ”حزب الله”.
فقد أُرسل عناصرها إلى اليمن، وانخرط بعضهم في دور المستشارين داخل “المجلس الجهادي الحوثي”، فيما شارك آخرون في عمليات مباشرة، بحسب الصور المنشورة.
وتظهر إحدى الصور باسل شكر وهو يشرف على مناورة عسكرية حوثية تحاكي اقتحام صحراء النقب جنوب إسرائيل، ما أثار تساؤلات حول أهداف الحوثيين وقدرتهم الميدانية.
المواجهة لم تعد سرية
بالتوازي مع ذلك، أعلن “الموساد” إحباط مخططات إيرانية في أوروبا وأفريقيا تستهدف مصالح إسرائيلية ويهودية. وكشف مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية أن ضابطاً رفيعاً في الحرس الثوري يدعى سردار عمار يقود جهاز عمليات خارجية خطط لهجمات في أستراليا واليونان وألمانيا بين 2024 و2025.
ونفت طهران الاتهامات، ووصفتها بأنها “محاولات لصرف الأنظار عن غزة”.
مرحلة أكثر حساسية في الإقليم
تدل سلسلة الاغتيالات، والاستهدافات الجوية، والتحركات السرية بين بيروت وصنعاء، على مرحلة جديدة من الانكشاف في الصراع بين إيران وإسرائيل، حيث تحاول تل أبيب منع تمدد النفوذ الإيراني، فيما تسعى طهران إلى إعادة بناء شبكاتها الإقليمية بعد الضربات الأخيرة.
ومع تزايد الحديث عن “جبهة مترابطة” تمتد من اليمن إلى لبنان، يرى مراقبون أن المنطقة تتجه نحو مرحلة حساسة تتوقف على مدى قدرة الطرفين على تجنّب انزلاق كبير قد يغيّر قواعد الاشتباك بالكامل.



