السلام في غزة لن يصنعه الأميركيون وحدهم
فشير: مستقبل الخطة الأميركية بيد اللاعبين الإقليميين
بينما تتباهى واشنطن بوقف إطلاق النار في غزة كإنجاز دبلوماسي نادر، يذكّر الكاتب والدبلوماسي المصري عزالدين شكري فشير بأن السلام في غزة لا يمكن أن يُفرض من الخارج، وأن المنطقة — لا الولايات المتحدة — هي التي تملك مفتاح النجاح أو الفشل.
فشير يرى أن خطة ترامب، رغم دورها في إنهاء الحرب وإطلاق سراح الأسرى، لا تزال هيكلاً هشّاً بلا مضمون، وأن استمرارها مرهون بثلاث قضايا محورية: نزع سلاح حماس، بناء سلطة حاكمة فاعلة في غزة، وتشكيل قوة استقرار فعّالة.
“وقف النار”.. إنجاز ناقص وهدنة مؤقتة
يقول فشير إن وقف إطلاق النار الأخير كان ثمرة إرهاق جماعي أصاب كل الأطراف: سكان غزة، الإسرائيليين، والدول المحيطة، أكثر منه ثمرة تفاهم سياسي متين.
فالجميع أراد للحرب أن تتوقف، لكن الاتفاق نفسه لم يتجاوز كونه إطاراً عاماً دون تفاصيل أو ضمانات.
ولهذا، فالثغرة الكبرى في الخطة ليست في نصوصها، بل في غياب آليات التنفيذ القادرة على معالجة جوهر الصراع.
ثلاث جبهات تحدّد المصير
يحدّد الكاتب ثلاث نقاط حاسمة ستقرر مصير الخطة:
نزع سلاح حماس، وهو شرطٌ لا يمكن فرضه من الخارج ما لم يكن هناك توافق فلسطيني داخلي.
بناء سلطة حاكمة جديدة تمثّل جميع الأطياف الفلسطينية وتكسر حلقة الانقسام بين فتح وحماس.
نشر قوة استقرار عربية أو دولية قادرة على فرض الأمن وتهيئة المناخ لإعادة الإعمار.
ويحذّر فشير من أن غياب الجدية في هذه الملفات سيحوّل الخطة إلى نسخة جديدة من إخفاقات “اليونيفيل” في لبنان — قوات بلا فاعلية، وميدان بلا استقرار.
من واشنطن إلى المنطقة
التحليل يذهب أبعد من السياسة اليومية: فشير يرى أن الولايات المتحدة ليست ولن تكون القائد الحقيقي لهذه العملية، بل إن النجاح يعتمد على قدرة الدول الإقليمية — مصر وقطر وتركيا خصوصاً — على التعاون والمخاطرة من أجل السلام.
ويضيف أن الحل لا يكمن في “إرضاء إسرائيل أو واشنطن”، بل في تغيير الواقع الفلسطيني ذاته من خلال إرادة محلية صادقة تدرك أن المقاومة لا يمكن أن تبقى شعاراً بلا نهاية.
بين التفاؤل والعبث
في السيناريو المتفائل الذي يطرحه فشير، قد تُسلّم حماس أسلحتها بإشراف مصري أو دولي، وتظهر سلطة حاكمة موحدة، وتُطلق عملية إعمار فعلية تمهّد لتسوية سياسية أوسع.
أما في السيناريو الواقعي المتشائم، فسيبقى كل طرف “ينفّذ نصف خطوة”، لتعود الحرب بأسماء جديدة وسيناريوهات قديمة.
قراءة خيبر أونلاين
يذكّرنا فشير بأن خطة ترامب أوقفت الحرب لكنها لم تزرع السلام، وأن مصير غزة — وربما المنطقة كلها — يتوقف على شجاعة الإقليم لا على وعود واشنطن.
في عالمٍ تتبدّل فيه التحالفات بسرعة، يبدو أن المعادلة الحقيقية اليوم ليست بين واشنطن وحماس، بل بين المسؤولية والعبث.



