الشرق الأوسط على حافة الانفجار: هل تدفع إيران المنطقة نحو حرب إقليمية؟
دينامية القوة الجديدة بين طهران وخصومها تفتح الباب أمام مرحلة أكثر اضطراباً
من الخليج إلى البحر الأحمر، ومن سوريا إلى لبنان والعراق، تتسارع الأحداث الجيوسياسية بوتيرة غير مسبوقة، لتكشف أن الشرق الأوسط يقف أمام معادلة جديدة تبدو معها إيران لاعباً مركزياً في كل ساحة توتر. ومع تزايد المواجهات غير المباشرة، تتصاعد الأسئلة حول ما إذا كانت طهران تدفع المنطقة عمداً نحو حافة حرب إقليمية واسعة، أو أنها ببساطة تحاول إدارة شبكة نفوذ فقدت السيطرة عليها.
شبكة نفوذ تمتد من المتوسط إلى الخليج
على مدار العقدين الماضيين، نجحت إيران في بناء منظومة عسكرية وسياسية مترابطة تمتد من العراق وسوريا ولبنان إلى اليمن وغزة. هذه الشبكة ليست مجرد تحالفات، بل بنية متكاملة للحروب بالوكالة، تسمح لطهران بخوض معاركها من دون مواجهة مباشرة مع خصومها.
لكن مع تحوّل التوترات إلى اشتباكات متزامنة في أكثر من ساحة، بدأت هذه الشبكة تكشف عن محدودية قدرتها على الضبط والسيطرة.
البحر الأحمر: النقطة الأكثر حساسية
تدخل الحوثيين في المعركة البحرية وضع إيران في مواجهة مباشرة مع مصالح الولايات المتحدة والعالم.
العمليات ضد السفن التجارية عزّزت الانطباع بأن إيران تسعى لخلق ورقة ضغط بحرية شبيهة بما فعلته سابقاً في الخليج.
لكنّ الخطر يكمن في أن هذه الورقة قد تفلت من السيطرة، إذ يمكن لأي ضربة خاطئة أن تتحول إلى اشتباك إقليمي واسع، خصوصاً مع الحضور العسكري الأميركي المتزايد.
لبنان والجولان: جبهات الاشتعال السريع
الجبهة اللبنانية، التي كانت لعقود “ساحة الردع المحسوبة”، تحولت بعد السابع من أكتوبر إلى ساحة مفتوحة، حيث باتت المواجهات اليومية تُرهق المناطق الحدودية وتستنزف قدرات حزب الله.
ومع الضغط الإسرائيلي المتصاعد في الجنوب السوري، أصبحت إيران أمام تحدّ مزدوج:
إما تصعيد محسوب لإبقاء نفوذها، أو التراجع الذي قد تراه بمثابة خسارة إستراتيجية.
العراق: عقدة القرار الإيراني
العراق يمثل قلب النفوذ الإيراني. لكن ما كان يُسمّى “تنظيماً منضبطاً” للفصائل أصبح اليوم مشهداً أكثر فوضوية.
الهجمات المتكررة على القواعد الأميركية وضعت بغداد في موقف محرج، وكشفت أن قدرة إيران على ضبط الجماعات المسلحة تتراجع.
هذا التراجع يفتح الباب أمام صدام أميركي - إيراني مباشر داخل العراق في حال تجاوزت الفصائل الخطوط الحمر.
الخليج: سقف الخطاب يرتفع
في المقابل، رفعت دول الخليج مستوى خطابها السيادي تجاه إيران في ملفات حساسة مثل الجزر الثلاث وحقل الدرة، ما يشير إلى مرحلة جديدة من الحزم السياسي الخليجي.
هذا التغيير يشكل ضغطاً إضافياً على طهران التي تواجه
اقتصاداً منهكاً،
اضطرابات داخلية،
وعزلة دولية متزايدة.
ما يجعلها أكثر قابلية للمغامرة أو للتشدد في ملفات النفوذ الإقليمي.
هل تبحث إيران فعلاً عن الحرب؟
المشهد أكثر تعقيداً مما يبدو:
إيران لا تريد حرباً شاملة، لكنها تريد أزمة مستمرة تُبقي أوراقها مفتوحة.
هذا النمط يجعل المنطقة تعيش في حالة “لاحرب-لاسلم”، وهو أخطر ما يمكن أن يواجهه الشرق الأوسط، لأن أي خطأ تكتيكي يمكن أن يتحول إلى انفجار إستراتيجي.
ومع تعدد اللاعبين وعدم وجود قناة اتصال واضحة، يصبح السؤال الآن:
من يملك القدرة على منع الانزلاق إلى الحرب؟ ومن يملك مصلحة في إشعالها؟



