الرياض ترسم ملامح “تحالف حل الدولتين”
اجتماع تنسيقي رفيع المستوى يبحث آليات التنفيذ وملف غزة والسلطة الفلسطينية
تقرير خاص – خيبر أونلاين
اجتماع تنسيقي رفيع المستوى يبحث آليات التنفيذ وملف غزة والسلطة الفلسطينية
في مشهدٍ يعيد رسم توازنات المنطقة بعد حرب غزة، احتضنت الرياض اليوم اجتماعًا تنسيقيًا رفيع المستوى لـ«التحالف العالمي لتنفيذ حل الدولتين»، برئاسةٍ مشتركة بين السعودية والاتحاد الأوروبي، وبمشاركة ممثلي عدد من الدول العربية والغربية.
الاجتماع الذي وُصف بأنه الأكثر حساسية منذ إعلان نيويورك، بحث خطوات عملية لتنفيذ خطة السلام المطروحة، بما في ذلك إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة، ودعم السلطة الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني.
السعودية في قلب المعادلة
أكدت المملكة العربية السعودية خلال الاجتماع أن القضية الفلسطينية لا تزال على رأس أولوياتها السياسية والدبلوماسية، وأن تحقيق السلام العادل لا يمكن أن يتم إلا بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
هذا الموقف السعودي يأتي استمرارًا لخط دبلوماسي بدأ منذ سبتمبر الماضي، حين أعلنت الرياض — باسم الدول العربية والإسلامية وعدد من الشركاء الدوليين — إطلاق «التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين» في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
التحالف، المدعوم من 142 دولة، يسعى إلى ترجمة «إعلان نيويورك» إلى خطة تنفيذية واضحة، ويعمل كإطار دولي ملزم لإعادة بناء الثقة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ووضع نهايةٍ لحلقات الحرب المتكرّرة.
من إعلان نيويورك إلى مرحلة التطبيق
تقرير خيبر أونلاين يرصد أن تحالف حل الدولتين يشكّل اليوم أول مسارٍ سياسي منظم بعد اتفاق غزة، ويستند إلى ثلاث ركائز مركزية:
وقف دائم لإطلاق النار في غزة وتثبيت آلية رقابة دولية تضمن استمراره.
توحيد مؤسسات الحكم الفلسطينية في الضفة وغزة تحت مظلة السلطة الفلسطينية.
بناء جهاز أمني فلسطيني موحّد بتمويل وتدريب دوليين، يتيح ضبط الأمن وفق مبدأ “دولة واحدة، وسلاح واحد، وقانون واحد”.
وتشير وثيقة الاجتماع إلى أن باريس والرياض تتبنيان خطة دعمٍ تدريجي لقوات الشرطة والأمن الفلسطينية عبر بعثاتٍ قائمة مثل USSC وEUPOL COPPS وEUBAM Rafah، في إطار ما وصفه البيان بـ«التأسيس الميداني لدولة فلسطينية قابلة للحياة».
أوروبا بين الوساطة والدعم اللوجستي
من جانبه، شدد كريستوف بيجو، الممثل الخاص للاتحاد الأوروبي لعملية السلام، على أن نجاح المبادرة يتوقف على “إرادةٍ سياسية صادقة من الأطراف المعنية”، مؤكداً أن الاتحاد الأوروبي لن يكتفي بالتمويل أو البيانات، بل سيشارك في آليات التنفيذ الميدانية والإشراف الفني.
ويأتي الموقف الأوروبي متناغماً مع التصور السعودي-الفرنسي الذي يرى أن “إعلان نيويورك” يجب أن يتحول إلى خطة زمنية محددة، وأن المجتمع الدولي لم يعد يملك رفاهية الانتظار.
قراءة خيبر أونلاين: من الدبلوماسية إلى هندسة النظام الإقليمي
تحليل خيبر أونلاين يرى أن الاجتماع في الرياض لا يقتصر على “تنسيق الدعم للفلسطينيين”، بل يؤسس فعلياً لمرحلة إعادة هندسة النظام الإقليمي بعد حرب غزة.
فمن جهة، تحاول السعودية ترسيخ دورها كضامنٍ رئيسي لمسار السلام، ومن جهة أخرى تعمل الولايات المتحدة عبر إدارة ترامب على إضفاء طابعٍ عملي لخطة غزة التي تمثل الخطوة الأولى ضمن مسار الحلّ الشامل.
أما أوروبا، فترى في التحالف فرصةً لتثبيت موقعها كـ“طرف مدني ضامن”، في ظل انشغال واشنطن بالأبعاد الأمنية والعسكرية للملف.
ما بعد الرياض: بداية مسار جديد
يبدو أن الرياض أرادت أن يكون هذا الاجتماع نقطة تحوّل لا إعلاناً شكلياً.
فالمداولات لم تقتصر على الملفات التقنية أو اللوجستية، بل شملت أيضًا التحضير لمرحلة نشر القوة الدولية في غزة، وهو ما يربط التحالف الجديد مباشرة بخطة ترامب التي دخلت مرحلتها الثانية.
التحالف العالمي لتنفيذ حل الدولتين، كما وصفه أحد الدبلوماسيين الأوروبيين، “ليس مبادرة سياسية عابرة، بل محاولة لبناء واقع جديد في الشرق الأوسط — واقعٍ تكون فيه الدولة الفلسطينية محور الاستقرار لا سبب الاضطراب.”



