مصر تكثّف اتصالاتها مع واشنطن وطهران لإحياء المفاوضات النووية
القاهرة تتحرك بين العاصمتين لتقليل التصعيد وبناء مسار تفاوضي جديد بين إيران وأمريكا
في تحرّك دبلوماسي لافت يعكس رغبة القاهرة في لعب دور محوري في ملفات الشرق الأوسط، أجرى وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي اتصالات مكثفة مع كل من وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي والمبعوث الأمريكي الخاص للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، لبحث سبل استئناف المفاوضات النووية بين الولايات المتحدة وإيران.
وقالت وزارة الخارجية المصرية في بيان رسمي إن هذه الاتصالات تأتي “في إطار الجهود المبذولة لدعم الأمن والاستقرار وخفض التصعيد في المنطقة، والبناء على الزخم الذي تولد عقب توقيع اتفاق القاهرة بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية في التاسع من سبتمبر الماضي”.
وأوضح البيان أن المباحثات تناولت ضرورة مواصلة العمل على بناء الثقة وتهيئة المناخ الملائم لاستئناف المحادثات النووية بين واشنطن وطهران، بهدف التوصل إلى “اتفاق شامل يراعي مصالح جميع الأطراف ويسهم في تعزيز الأمن الإقليمي ومنع مزيد من التوتر”.
تحركات مصرية بين العاصمتين
وأكدت الخارجية المصرية أن عبدالعاطي أجرى سلسلة اتصالات منفصلة شملت أيضاً رافائيل غروسي، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، لمتابعة التطورات التقنية والسياسية ذات الصلة بالبرنامج النووي الإيراني.
وذكرت أن الجانب المصري شدد خلال المحادثات على أن “المرحلة الحالية تتطلب إعادة فتح قنوات الحوار المباشر بين طهران وواشنطن، بما يحول دون انزلاق المنطقة إلى مواجهة جديدة أو سباق تسلح نووي”.
كما جرى الاتفاق، وفق البيان، على استمرار التنسيق وتبادل الأفكار بين الأطراف الثلاثة خلال الفترة المقبلة “بما يضمن تحقيق الانفراجة المأمولة”.
إيران تُعلن انتهاء مفعول القيود الدولية
وتزامنت التحركات المصرية مع إعلان وزارة الخارجية الإيرانية انتهاء مفعول قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2231 الذي كان يفرض قيوداً على برنامجها النووي منذ عقد من الزمن.
وقالت الوزارة في بيان رسمي إن “القيود المفروضة على البرنامج النووي الإيراني وآليات المتابعة أصبحت منتهية اعتباراً من اليوم”، مؤكدة أن الملف النووي الإيراني “يجب أن يُعامل شأنه شأن البرامج النووية للدول غير الحائزة للأسلحة النووية”.
وأوضحت أن طهران وجهت رسالة رسمية إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن تؤكد فيها أن محاولات بعض الدول الأوروبية لإعادة تفعيل “آلية الزناد” أو “السناب باك” باتت “باطلة قانونياً وعديمة الأثر”.
ونقل الإعلام الإيراني عن الوزير عباس عراقجي قوله إن أي محاولة لإحياء قرارات منتهية “تفتقر إلى الشرعية ولا يمكن أن تُنتج أي أثر قانوني”، مشيراً إلى أن بلاده “ماضية في التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية ضمن إطار الاتفاقيات القانونية”.
دور القاهرة في خفض التوتر الإقليمي
ويأتي هذا الحراك المصري في سياق سياسة “الحياد الإيجابي” التي تتبناها القاهرة منذ تصاعد التوتر الإيراني–الأمريكي في السنوات الأخيرة، حيث تسعى لعب دور الوسيط المقبول من الطرفين، خاصة بعد نجاحها في رعاية اتفاق القاهرة النووي بين طهران والوكالة الدولية للطاقة الذرية.
ويرى مراقبون أن التحرك المصري يعيد التوازن الدبلوماسي في المنطقة بعد فترة من الجمود، ويعكس رغبة القاهرة في تثبيت حضورها كوسيط إقليمي قادر على التواصل مع القوى الكبرى، سواء في الملف الإيراني أو في ملفات الأمن في غزة واليمن وسوريا.



