قمة شرم الشيخ للسلام: مصر تجمع قادة العالم لإنهاء حرب غزة
جهود دولية مكثفة لوضع اللمسات الأخيرة على اتفاق وقف إطلاق النار وإطلاق مرحلة “ما بعد الحرب”
شرم الشيخ – خيبر أونلاين
تتحول مدينة شرم الشيخ المصرية، مجدداً، إلى مركز للدبلوماسية الدولية، حيث تنطلق اليوم قمة السلام الدولية بمشاركة واسعة من قادة وزعماء العالم، في خطوة تهدف إلى تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار في غزة ووضع أسس المرحلة التالية من التسوية السياسية بعد واحدة من أطول وأعنف الحروب التي شهدها القطاع.
القمة تأتي بدعوة مشتركة من مصر والولايات المتحدة، وتُعدّ تتويجاً لجهود وساطة مكثفة بدأت منذ أسابيع بهدف بلورة اتفاق شامل يحدد مستقبل الحكم في غزة، وترتيبات الأمن والإعمار، ودور الأطراف الإقليمية في ضمان استقرار الوضع الجديد.
أجواء حذرة وتوازنات دقيقة
تستضيف القمة مجموعة واسعة من القادة والمسؤولين، في ظل تباين ملحوظ في مستوى التمثيل الدبلوماسي بين الدول المشاركة. ويقول مراقبون إن هذا التباين يعكس تعقيد التوازنات الإقليمية وتشابك المصالح بين القوى الكبرى والإقليمية، خصوصاً مع تعدد الأطراف المنخرطة في النزاع الفلسطيني الإسرائيلي.
ومن المقرر أن يصل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى مصر ظهر الاثنين، بعد زيارة قصيرة إلى إسرائيل ألقى خلالها خطاباً أمام الكنيست. وسينضم ترامب إلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وعدد من القادة العرب والأوروبيين للتوقيع على وثيقة اتفاق وقف إطلاق النار، في مراسم رسمية تستضيفها المدينة المطلة على البحر الأحمر.
حضور دولي واسع وغيابات لافتة
تضم قائمة الحضور كلاً من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، والمستشار الألماني فريدريش ميرتس، إلى جانب العاهل الأردني عبد الله الثاني، وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، والرئيس الفلسطيني محمود عباس، بالإضافة إلى قادة من تركيا، باكستان، إيطاليا، إسبانيا، واليونان.
أما على المستوى المؤسسي، فيشارك الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش والأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إلى جانب رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا.
في المقابل، لوحظ غياب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن الاجتماعات، بعد إعلان رئاسة الجمهورية المصرية أنه سيشارك، قبل أن تعود وتؤكد تغيبه بسبب “الأعياد الدينية في إسرائيل”. كما غابت إيران عن القمة من دون توضيح رسمي لمستوى تمثيلها.
أجندة القمة: من وقف النار إلى إعادة الإعمار
تتركز المباحثات على ثلاث ملفات رئيسية:
تثبيت وقف إطلاق النار الدائم بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية.
وضع ترتيبات الأمن والإدارة في غزة، بما في ذلك تشكيل حكومة انتقالية تشرف على إعادة الإعمار.
تأمين الدعم الدولي والإقليمي لإعادة بناء القطاع وضمان عدم عودة العنف.
وبحسب مصادر دبلوماسية غربية، سيعرض الرئيس ترامب خلال القمة المرحلة الثانية من مبادرته للسلام، والتي تتضمن إرسال بعثة دولية لمراقبة وقف إطلاق النار، وضمان أمن الحدود، وإطلاق برامج لإعادة الإعمار بإشراف مشترك من الولايات المتحدة ومصر والأمم المتحدة.
غياب نتنياهو وحماس… وحضور عربي متنوع
رغم غياب رئيس الوزراء الإسرائيلي عن القمة، إلا أن الاتفاق المرتقب يتضمن ضمانات أمنية لصالح إسرائيل، مع التزام من الجانب الفلسطيني بوقف كامل لإطلاق الصواريخ.
أما حركة حماس فقد أعلنت أنها لن تشارك في مراسم التوقيع، لكنها “تتابع عن كثب” مجريات القمة، بحسب بيان صدر عنها مساء الأحد.
ويرى مراقبون أن غياب الطرفين المعنيين مباشرة بالصراع عن الطاولة لا يعني غياب تأثيرهما على مسار الاتفاق، بل يعكس مرحلة “إدارة السلام عبر الوسطاء”، وهي سمة باتت شائعة في النزاعات المعقدة بالمنطقة.
المصدر: GETTY IMAGES
مشاهد من شرم الشيخ
تزينت المدينة الساحلية بالأعلام الوطنية للدول المشاركة، وانتشرت لافتات تحمل شعار “قمة شرم الشيخ للسلام – اتفاق إنهاء الحرب في غزة”، فيما شهدت الشوارع استعدادات مكثفة وأجواء أمنية مشددة.
وقال أحد موظفي البلدية أثناء عمله على تثبيت اللافتات إن “المدينة تعيش لحظة تاريخية تشبه مؤتمرات السلام في التسعينيات”.
تصريحات ومواقف
في العواصم الغربية، قوبل الاتفاق المتوقع بترحيب واسع.
إذ وصف رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر الاتفاق بأنه “نقطة تحول تاريخية في مسار الصراع”.
وأكد الرئيس الفرنسي ماكرون أن باريس “تدعم بقوة حل الدولتين وتعتبر وقف الحرب مدخلاً حقيقياً نحو تسوية دائمة”.
أما المستشار الألماني ميرتس فشدد على “ضرورة ضمان الهدوء وإيصال المساعدات الإنسانية فوراً إلى غزة”.
الميدان الغزي: بداية تنفيذ الصفقة
تزامناً مع انعقاد القمة، بدأت المرحلة الأولى من اتفاق تبادل الأسرى بين إسرائيل وحركة حماس، حيث أُفرج عن عشرات المعتقلين الفلسطينيين مقابل إطلاق سراح 20 من المحتجزين الإسرائيليين.
وأعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر تسلمها الدفعتين ونقلهما عبر معبر رفح، في إشارة إلى دخول الاتفاق حيز التنفيذ الميداني.
ملامح مرحلة جديدة
مع توقيع اتفاق وقف إطلاق النار، تدخل المنطقة مرحلة جديدة من “الدبلوماسية المكثفة”، تسعى فيها مصر لتأكيد دورها كوسيط رئيسي في الملف الفلسطيني، فيما تحاول واشنطن تثبيت مكاسبها عبر خطة ترامب للسلام.
أما بالنسبة لغزة، فإن التحدي الأكبر يبقى في إعادة الإعمار وضمان الاستقرار السياسي، في ظل غياب رؤية موحدة للفصائل حول شكل الحكم المقبل.



