إسرائيل تصعّد ضد حزب الله.. صراع مفتوح على خطوط الإمداد السورية
معركة الظل بين تل أبيب وبيروت تمتد عبر الممر الإيراني والحدود السورية
من الجنوب اللبناني إلى البقاع، ومن أروقة القرار العسكري في تل أبيب إلى الأنفاق السرية في القصير وحمص، تتسارع وتيرة الصراع بين إسرائيل و”حزب الله”، في مواجهةٍ تتجاوز الحدود اللبنانية لتصبح فصلًا جديدًا من حرب النفوذ الإيرانية في المشرق.
في الأيام الأخيرة، رفعت إسرائيل وتيرة ضرباتها في لبنان وسوريا، متهمةً الحزب بتهريب مئات الصواريخ قصيرة المدى عبر المعابر غير النظامية، فيما ردّت أوساط الحزب بالصمت العسكري الميداني، في وقتٍ يرى فيه مراقبون أن “الهدوء النسبي” يخفي خلفه إعادة ترتيب أوراق المعركة المقبلة.
“الاحتواء النشط”.. عقيدة إسرائيلية جديدة
وفق تسريبات عبر القنوات الإسرائيلية، قدّمت تل أبيب للوفود الأميركية الزائرة خرائط وصورًا استخباراتية تؤكد استمرار ما تسميه “الممر الإيراني” لنقل السلاح إلى لبنان، عبر عقدة القصير – حمص.
تقول إسرائيل إن هذه المسارات تمثل تهديدًا مباشرًا لـ”اتفاقات الأمن” القائمة منذ ما بعد حرب غزة، وإنها ستواصل ضرباتها في إطار “سياسة الاحتواء النشط” التي تشمل الاغتيالات والاستهدافات الدقيقة للبنى المدنية ذات الاستخدام العسكري.
وفي المقابل، لا يرى حزب الله في تلك الضربات إلا استمرارًا لما يسميه “العدوان الدائم”، إذ يلتزم الحزب بسياسة امتصاص الضربات دون ردٍ مباشر، لكنه، وفق مصادر متابعة، “يُعيد بناء منظومته الدفاعية والإمدادية في البقاع والجنوب بوتيرةٍ بطيئة ولكن ثابتة”.
دعم أميركي معلن.. واصطفاف غربي متزايد
في خطوةٍ رمزية وميدانية في آن، زارت مبعوثة الرئيس الأميركي إلى لبنان مورغان أورتيغوس الحدود الشمالية لإسرائيل برفقة وزير الدفاع الإسرائيلي إسرائيل كاتس، في جولةٍ حملت رسائل دعم واضحة من واشنطن لتل أبيب، تحت عنوان “منع إعادة تموضع حزب الله”.
وفي خضم الجولة، نُفذت ضربة إسرائيلية استهدفت عنصرين من “قوة الرضوان” قرب الحدود، وهو ما اعتبره مراقبون “ترجمة عملية” للتحالف الميداني بين واشنطن وتل أبيب في مواجهة أذرع إيران.
حرب باردة لبنانية.. وسكون يسبق العاصفة
رغم شراسة القصف الإسرائيلي في الجنوب، يواصل حزب الله تجنّب المواجهة المباشرة.
يرى محللون أن الحزب يعيش “مرحلة إعادة تموضع” بعد الضربات الثقيلة التي تلقاها في الأشهر الأخيرة، فيما تعتقد إسرائيل أن “صمته” مؤقت وأن “الرد” قد يأتي عبر عمليات محدودة أو عبر الساحة السورية.
وتشير معطيات إسرائيلية إلى أن الجيش اللبناني قد تعامل مع مئات البلاغات ضمن الآلية الدولية، إلا أن تل أبيب تصف الاستجابة بأنها “بطيئة ومحدودة”، خصوصًا في المناطق التي تعد “معاقل للحزب”.
المعادلة الجديدة: ردعٌ وقائيّ قبل الحرب
زيارة مرتقبة لرئيس الأركان الأميركي إلى إسرائيل خلال الأيام المقبلة ستضع الملف اللبناني على الطاولة، إلى جانب بحث “النفوذ الإيراني” في المنطقة.
وبينما تُصرّ تل أبيب على “منع حزب الله من إعادة بناء قدراته”، يبدو أن الهدف الأعمق هو ترسيخ معادلة ردعٍ وقائيّ: أي الضرب قبل الخطر، وليس بعده.
لكنّ المعضلة تكمن في هشاشة التفاهمات القائمة، وفي قابلية أي خطأ ميداني أو تصعيد موضعي لأن يشعل حربًا إقليمية واسعة — من لبنان إلى الجولان، وربما أبعد.
تحليل خيبر أونلاين
تبدو المواجهة الحالية بين إسرائيل وحزب الله أقلّ من حرب وأكثر من “هدنة مشروطة”.
هي حرب استنزاف ذكية، تتداخل فيها الجغرافيا السورية مع القرار الإيراني ومع الخطوط الحمراء الأميركية.
فبينما تسعى تل أبيب لتفكيك “التهديد المتراكم”، يواصل الحزب العمل في الظل على “ترميم الردع”، في معادلةٍ لا غالب فيها، بل فقط توازن رعب مؤقت — إلى حين لحظة الانفجار التي قد تعيد رسم خريطة الصراع في المشرق من جديد.



