هل تكبح زيارة بابا الفاتيكان اندفاع لبنان نحو الانفجار؟
زيارة روحية في توقيت سياسي قابل للاشتعال… فهل ينجح الفاتيكان في تجميد التوتر؟
خَيْبَر أونلاين – تقرير وتحليل
زيارة في لحظة لبنانية شديدة الحساسية
يصل البابا ليو الرابع عشر إلى بيروت في زيارة تمتد ثلاثة أيام، تُوصف بالتاريخية ليس فقط لأنها أول زيارة خارجية له منذ اعتلائه الكرسي الرسولي، بل لأنها تأتي في لحظة يختلط فيها الروحي بالسياسي، والرمزي بالملتهب.
اللبنانيون استقبلوا البابا بأعلام الفاتيكان ولبنان، في مشهد أعاد أجواء الزيارات البابوية القديمة. لكن خلف الاحتفالات، يقف بلد يعاني من:
انقسام سياسي عميق حول ملف سلاح حزب الله،
تهديدات إسرائيلية بعملية عسكرية واسعة،
غارات شبه يومية على الجنوب،
وأزمة اقتصادية وأمنية خانقة.
تأثير ديني… بثقل سياسي
البعد الروحي للزيارة حاضر بقوة:
قداسٌ ضخم يتوقع أن يشارك فيه أكثر من مئة ألف شخص،
صلاة في مرفأ بيروت تكريماً لضحايا انفجار 2020،
ولقاء مسكوني يجمع رؤساء الطوائف الإسلامية والمسيحية في وسط بيروت.
هذه الفعاليات تحمل رسالة واضحة:
لبنان لا يزال نموذج العيش المشترك الذي يريد الفاتيكان الدفاع عنه.
لكن هذا الدور الروحي لا يمكن فصله عن اللحظة السياسية. فزيارة البابا تأتي في سياق ضغط خارجي على بيروت لتطبيق قرار نزع سلاح حزب الله، وفي سياق خوف داخلي من تصعيد عسكري يجرّ البلاد إلى حرب جديدة.
الفاتيكان… بين الدعوة إلى السلام وغياب أدوات الضغط
تعوّل فئات عديدة من اللبنانيين على أن يشكل حضور البابا مظلة تهدئة، وأن يساهم في:
تخفيف الاحتقان الداخلي،
منع توسع الضربات الإسرائيلية،
ودفع القوى السياسية إلى التهدئة.
لكن السؤال الذي يُطرح داخل لبنان:
هل يملك البابا أدوات ضغط فعلية؟
الجواب الواقعي:
الفاتيكان قادر على التأثير المعنوي والأخلاقي،
لكنه لا يستطيع فرض التزامات سياسية أو أمنية على حزب الله أو إسرائيل،
ولا يملك قدرة على تعديل ميزان القوى المحلي.
لذلك يخشى البعض أن تتبخر رسائل السلام بمجرد انتهاء الزيارة.
إسرائيل تراقب… ولبنان على حافة سيناريوهات خطيرة
تأتي زيارة البابا في ظل وضع أكثر حساسية من العام السابق، إذ انتهت الحرب الواسعة بين إسرائيل وحزب الله منذ سنة فقط.
الحزب تلقى ضربات مؤلمة، وإسرائيل تمارس ضغطاً عسكرياً مستمراً يمنع إعادة تموضعه، فيما لا تزال الحكومة اللبنانية تحت ضغط خارجي متواصل لتنفيذ خطة نزع السلاح.
هذا الواقع يجعل أي توتر داخلي أو خطأ ميداني، قابلاً لإشعال جبهة الجنوب مجدداً.
لقاء الطوائف… هل يفتح نافذة للتهدئة؟
اللقاء المسكوني الذي يجمع البابا برؤساء الطوائف الثمانية (المسيحية والإسلامية)، يعد أبرز لحظة رمزية في الزيارة.
هو رسالة مفادها:
لبنان لن يُنقذ إلا بتفاهم داخلي، قبل أي دور خارجي.
لكن رغم أهمية الرمزية، فإن الأزمة اللبنانية اليوم ليست طائفية بقدر ما هي صراع نفوذ وسلاح وقرارات استراتيجية تتجاوز قدرة المؤسسات الدينية على ضبطها.
خَيْبَر أونلاين: ماذا بعد الزيارة؟
يمكن تلخيص تأثير الزيارة المحتمل في ثلاثة مسارات:
تهدئة معنوية مؤقتة
قد تنجح في خفض حدّة الخطابات السياسية وتحسين المناخ العام لأسابيع.ضغط دولي أخلاقي على إسرائيل وحزب الله
لكن دون أدوات تنفيذية.استمرار الأزمة كما هي
لأن جوهر المشكلة سياسي – أمني لا يُحل بالرمزية وحدها.
في المحصلة، يحمل البابا رسالة سلام…
لكن لبنان يحتاج إلى أكثر من رسالة: يحتاج إلى قرار سياسي، داخلي وخارجي، يجمّد الانزلاق نحو مواجهة جديدة.



