لبنان: شعبٌ يعيش على حافة الانفجار
الجنوب في دائرة النار.. والبلاد في حالة استنفار دائم
على وقع التصعيد الإسرائيلي المتواصل، يتقدّم الجنوب والبقاع مجدداً إلى واجهة المشهد الأمني. غارات، اغتيالات، إنذارات بالإخلاء، وكمٌّ هائل من الشائعات التي تضرب الشارع اللبناني، فيما تتجه البلاد نحو مرحلة يُعاد فيها خلط الأوراق من جديد.
مشهد يقترب من الانفجار
في الأيام الماضية، بدا لبنان وكأنه يعيش مقدمات مواجهة أوسع. فمع إرسال حزب الله “كتاباً” للرؤساء الثلاثة يرفض فيه أي تفاوض أو نقاش حول سلاحه، تعاملت إسرائيل مع الرسالة كإعلان تحدٍّ مباشر، لتردّ بسلسلة غارات مكثفة امتدت من القرى الحدودية إلى عمق البقاع، ترافقها عمليات اغتيال طالت عناصر وقياديين من الحزب.
النتيجة: لبنان في «منطقة رمادية» مفتوحة على الاحتمالات، من تصعيد محدود إلى مواجهة شاملة.
إسرائيل تستعد… ولبنان يتأرجح
لا تخفي تل أبيب – وفق تقديرات غربية – أنها رفعت مستوى الجهوزية إلى “حرب طويلة”. معلومات متقاطعة تتحدث عن خطط عسكرية مكتملة، وخيارات مفتوحة تشمل ضربات جوية واسعة وعمليات خاصة شمال نهر الليطاني.
إسرائيل تعتبر أن الدولة اللبنانية عاجزة فعلياً عن تطبيق التزامات اتفاق وقف إطلاق النار الموقع في 27 نوفمبر 2024، وخاصة البند المتعلق بنزع سلاح حزب الله جنوب الليطاني.
في المقابل، تعكس مواقف الحزب إصراراً على التمسك بالسلاح، وتأكيداً بأنه لن يُسلم القرار الأمني للدولة، ولو تحت الضغط الدولي.
واشنطن تحدد الإطار: “نزع السلاح وإلا…”
التطور الأخطر جاء عبر موقف أميركي لافت: المبعوث الأميركي توم براك أكد أن واشنطن “ستتفهم” تحركاً إسرائيلياً منفرداً لنزع سلاح الحزب إذا فشلت الدولة اللبنانية بذلك.
كلماتٌ تُقرأ كإشارة خضراء مشروطة، وقد تكون أقرب ما تكون إلى رفع مستوى الغطاء السياسي لأي عملية عسكرية إسرائيلية.
وبحسب مصادر غربية، فإن ساعة الصفر مرتبطة بإيقاع الأجندة الأميركية، لا الإسرائيلية: أي أن واشنطن وحدها من يملك مفتاح توقيت الحرب.
حزب الله وإسرائيل.. القدرة مقابل القدرة
تتداول تقارير إعلامية معلومات عن إعادة ترميم الحزب لقدراته العسكرية، لكن خبراء عسكريين يشككون، معتبرين أن الدقة الإسرائيلية في الاغتيالات وتحديد الأهداف تعكس اختراقاً استخباراتياً يجعل مهمة إعادة البناء أصعب بكثير من السابق.
في المقابل، يواصل الحزب التأكيد أنه “جاهز للحرب تحت أي ظرف”. لكنه لم يرد بشكل واسع منذ 11 شهراً، ما يفتح باباً للقراءات المختلفة حول قدرته – أو رغبته – في التصعيد.
الداخل اللبناني: دولة عاجزة.. وشعب مرعوب
بين الغارات والتهديدات، يعيش اللبنانيون في الجنوب والبقاع والضاحية حالة استنفار نفسي دائم. القرى تتلقى الإنذارات عبر مكبّرات الصوت والرسائل النصية، والسكان يفتحون الأبواب والنوافذ بانتظار الضربة، والطرق تشهد موجات نزوح مفاجئة كلما ارتفع التوتر.
اقتصادٌ منهار، مؤسسات شبه مشلولة، وسلاحٌ خارج الدولة يضع البلاد أمام معادلة خطيرة: أي شرارة قد تتحول إلى حرب.
السيناريوهات المحتملة
1. تصعيد جوي واسع دون حرب شاملة
السيناريو الأرجح وفق خبراء، حيث تعتمد إسرائيل سياسة “القضم المتدرج” لضرب مواقع الحزب.
2. عملية محدودة شمال الليطاني والضاحية
عمليات كوماندوس لضرب أهداف ذات طابع استراتيجي.
3. حرب واسعة على جبهات متعددة
سيناريو مطروح لكنه يبقى محكوماً بالقرار الأميركي.
في الخلاصة
لبنان اليوم دولة مجروحة، تتحرك داخل حقل ألغام إقليمي.
حزب يتمسك بسلاحه، وإسرائيل تصعّد بلا هوادة، ودولة منهكة غير قادرة على الإمساك بالمشهد.
وبينهما شعب يعيش يومياته تحت ضوء المسيرات فوق رأسه، وأخبار الاغتيالات على هاتفه… ينتظر ما إذا كانت الحرب التي يخشاها ستبقى احتمالاً – أم تتحول واقعاً في أي لحظة.



