إيران تصرخ بالأزمة... بينما تُتهم بتمويل مخطط حزب الله للسيطرة على لبنان
طهران تواجه أزمة مياه وانهيار العملة... وتستمر، وفق تقارير، في نقل الأسلحة والأموال إلى الجماعات الارهابية المتمركزة في لبنان المصنفة
حذّر الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان من احتمال نفاد المياه في البلاد بحلول سبتمبر، في وقت تكشف فيه تقارير جديدة أن الجمهورية الإسلامية ما زالت تضع تمويل وكلائها المسلحين المصنّفين إرهابيين في صدارة أجندتها، متقدمة على معالجة أزماتها الداخلية المتفاقمة.
هذا التناقض الحاد بين الضائقة الاقتصادية الخانقة في الداخل والإصرار على التدخلات الإقليمية المكلفة بات أكثر وضوحًا، فيما تكافح إيران أزمات متزامنة في المياه والطاقة وانهيار العملة. ويرى مراقبون أن هذه السياسة تعكس نهجًا ثابتًا للنظام، يربط استمراره بتوسيع نفوذه الخارجي، حتى وإن جاء ذلك على حساب تدهور الأوضاع المعيشية للمواطنين.
إيران على حافة الانهيار البيئي والاقتصادي
تفاقمت الأزمة البيئية في إيران إلى مستويات حرجة، مع إطلاق الرئيس مسعود بزشكيان في يوليو تحذيرًا غير مسبوق بشأن وضع المياه في البلاد. وقال بزشكيان: "في طهران، إذا لم نتمكن من الإدارة وإذا لم يتعاون المواطنون في ضبط الاستهلاك، فلن يتبقى أي مياه في السدود بحلول سبتمبر أو أكتوبر"، وهي المرة الأولى التي يقر فيها رئيس إيراني بجدول زمني وشيك لنفاد المياه في العاصمة.
تفاقمت الأزمة البيئية في إيران إلى مستويات حرجة، مع إطلاق الرئيس مسعود بزشكيان في يوليو تحذيرًا غير مسبوق بشأن وضع المياه في البلاد. وقال بزشكيان: "في طهران، إذا لم نتمكن من الإدارة وإذا لم يتعاون المواطنون في ضبط الاستهلاك، فلن يتبقى أي مياه في السدود بحلول سبتمبر أو أكتوبر"، وهي المرة الأولى التي يقر فيها رئيس إيراني بجدول زمني وشيك لنفاد المياه في العاصمة.
لكن الأزمة تتجاوز حدود طهران بكثير. فقد شهدت إيران خمسة أعوام متتالية من الجفاف، وسجّلت هيئة الأرصاد الجوية الإيرانية انخفاضًا بنسبة 40% في معدلات الأمطار خلال الأشهر الأربعة الماضية مقارنة بالمعدل الطويل الأمد. وتشير تحليلات علمية إلى أن إيران فقدت ما يقارب 211 مليار متر مكعب من المياه بين عامي 2003 و2019 — أي ما يقارب ضعف الكمية المتجددة الحالية — نتيجة ممارسات زراعية غير فعّالة وسوء إدارة ممنهج. كما كشف تقرير صادر عن مكتب محافظ أصفهان عام 2006 أن ما لا يقل عن 6.5 مليون متر مكعب من المياه تم تحويلها إلى "مركز نووي" سري.
هذا الانهيار البيئي أدى إلى سلسلة من الأعطال الواسعة في البنية التحتية. فقد شهدت أكثر من 20 محافظة انقطاعًا في التيار الكهربائي نتيجة الترابط بين أزمة المياه والطاقة، بحسب السلطات الإيرانية. وخرج المواطنون إلى الشوارع في احتجاجات مائية امتدت من الأهواز إلى أصفهان، لتشهد مؤخرًا مدن مثل نسيمشهر وسبزوار وخمام تظاهرات غاضبة ضد الانقطاع المستمر وشح المياه.

أزمة العملة تدفع إلى إعادة تقييم الريال
تدهور الوضع الاقتصادي في إيران إلى درجة دفعت البرلمان، في أغسطس، إلى اتخاذ قرار بإزالة أربعة أصفار من العملة الوطنية، الريال، في خطوة أقرّتها اللجنة الاقتصادية بهدف مواجهة الانهيار الحاد في قيمة العملة، التي فقدت أكثر من 90% من قيمتها منذ عام 2018.
وقد هبط الريال الإيراني إلى مستويات قياسية متدنية، فيما يظل معدل التضخم فوق 35%، مسجلاً 38.7% في مايو 2025 وفق البيانات الرسمية. ويتوقع صندوق النقد الدولي أن يتراجع الناتج المحلي الإجمالي الاسمي لإيران بمقدار 60 مليار دولار خلال عام 2025 ليصل إلى 341 مليار دولار — وهو أدنى مستوى له منذ سنوات.
وتفاقمت هذه الأزمة بفعل العقوبات الجديدة التي فرضتها إدارة ترامب في 2025، والتي حدّت بشكل أكبر من عائدات النفط الإيراني. ووُصفت هذه الحزمة من الإجراءات المالية بأنها الأكبر ضد إيران منذ عام 2018.

العمليات الإقليمية مستمرة رغم الأزمات الداخلية
رغم التحديات غير المسبوقة التي تواجهها إيران داخليًا، تشير تقارير استخباراتية إلى أن النظام يواصل عملياته عبر وكلائه في المنطقة. ووفقًا لما نقلته قناة *الحدث* السعودية، فقد أرسلت طهران رسائل إلى حزب الله تؤكد التزامها بزيادة الدعم المالي وشحنات الأسلحة إلى لبنان عبر دول وسيطة، بهدف تمكين الحزب من بسط سيطرته على كامل الأراضي اللبنانية وتشكيل ائتلاف سياسي جديد يكون فيه حزب الله صاحب السيادة الفعلية، بديلاً عن الحكومة الحالية.
ويأتي هذا التعهد المزعوم بزيادة تمويل الحزب المصنف إرهابيًا في وقت تتحرك فيه السلطات اللبنانية نحو تنفيذ خطة غير مسبوقة لنزع سلاح حزب الله. فقد أقرّت الحكومة اللبنانية، في أغسطس، أهداف مقترح أميركي يفرض نزع السلاح الكامل للحزب بحلول 31 ديسمبر 2025.
التحدي الأكبر لنزع سلاح حزب الله
يمثل قرار الحكومة اللبنانية أكبر تحدٍ للوضع المسلح للحزب منذ تأسيسه. وتنص الخطة المدعومة أميركيًا على تنفيذ العملية على أربع مراحل، على أن يقدّم الجيش اللبناني خطة تفصيلية بحلول نهاية أغسطس 2025، مع التنفيذ الكامل بحلول نهاية العام.
لكن وزراء حزب الله وحلفاءهم من حركة أمل انسحبوا من اجتماع الحكومة احتجاجًا، معلنين أنهم سيتعاملون مع قرار نزع السلاح "كأنه غير موجود"، واصفين الخطوة بأنها "خطيئة كبرى"، ومتعهدين بالاحتفاظ بقدراتهم العسكرية بغض النظر عن قرارات الدولة.
وقد امتدت التوترات إلى الشارع اللبناني، حيث خرج مئات من مناصري الحزب في تظاهرات حاشدة في الضاحية الجنوبية لبيروت، إضافة إلى احتجاجات في عدة مدن لبنانية رفضًا لأي محاولة لنزع سلاحه.
الموقف الإيراني من خطة نزع سلاح حزب الله
ردّت إيران بخطاب تصعيدي، حيث صرّح علي أكبر ولايتي، مستشار الشؤون الدولية للمرشد علي خامنئي، لوكالة *تسنيم*: *"الجمهورية الإسلامية تعارض بالتأكيد نزع سلاح حزب الله، وإيران دعمت دائمًا شعب لبنان ومقاومته وستواصل ذلك."*
وذهب ولايتي أبعد من ذلك، واصفًا خطة الحكومة اللبنانية بأنها *"تلاعب خارجي"*، مضيفًا: *"كما فشلت الخطط السابقة المعادية للبنان، فإن هذه ستفشل أيضًا، وستبقى المقاومة صامدة أمام هذه المؤامرات"،* معتبرًا أن الخطة "مؤامرة أميركية-إسرائيلية".
رفض لبناني لوصاية إيران
في رد غير مسبوق من حيث حدته، أدانت وزارة الخارجية اللبنانية تصريحات ولايتي بوصفها *"تدخلًا سافرًا وغير مقبول في الشؤون الداخلية اللبنانية"*.
وقالت الوزارة: *"بعض كبار المسؤولين الإيرانيين تجاوزوا مرارًا عبر إطلاق تصريحات غير مبررة بشأن قرارات داخلية لبنانية لا تعني الجمهورية الإسلامية."* وفي توبيخ مباشر، ذكّرت القيادة في طهران بأن *"الأجدر بإيران أن تركز على قضايا شعبها."*




