العفو الدولية بين نار الاتهامات ونار السياسة: هل يعيد تقرير 7 أكتوبر رسم مشهد المحاسبة؟
جدل حقوقي - سياسي جديد يعصف بالمنطقة بعد تقرير صادم وردّ أكثر صداماً من حماس
منذ صدور تقرير منظمة العفو الدولية الذي خلُص إلى أنّ حركة حماس وفصائل فلسطينية أخرى ارتكبت جرائم ضد الإنسانية في هجوم 7 أكتوبر 2023، دخل الملف مرحلة جديدة من التوتر، أعادت رسم خطوط السجال بين القانون والسياسة، وبين الروايات المتباعدة حول واحد من أكثر أيام الصراع دموية في القرن الحالي.
وبينما اعتبرت المنظمة أن هجوم ذلك اليوم جاء ضمن هجوم واسع ومنهجي ضد مدنيين، رفضت الحركة التقرير واعتبرته “مغرضاً” و”تبنّياً لرواية الاحتلال”.
فماذا يقول التقرير؟ وكيف تقرأه الأطراف؟ وما تداعياته على ملف المحاسبة الدولي؟
تقرير غير مسبوق: توثيق واسع وانتهاكات مصنّفة كجرائم ضد الإنسانية
اعتمدت منظمة العفو الدولية على:
مقابلات مع 70 شاهداً
مراجعة 350 مقطع فيديو وصورة
زيارات ميدانية لمواقع الهجوم
تحليل اتصالات بين المقاتلين وتصريحات قيادات الفصائل
وخلصت إلى أن مقاتلي حماس وفصائل أخرى ارتكبوا:
القتل والإبادة
التعذيب والمعاملة اللاإنسانية
السجن والاختفاء القسري
الاغتصاب والعنف الجنسي
احتجاز رهائن ضمن خطة منظّمة
وهي المرة الأولى التي تصف فيها المنظمة أحداث 7 أكتوبر بأنها جرائم ضد الإنسانية.
حماس ترد: “تحريض سياسي وتقرير فاقد للمصداقية”
رفضت حماس النتائج بالكامل ووصفتها بأنها:
“تكرار لمزاعم الاحتلال”
“مليئة بالمغالطات”
“تهدف للتحريض وتشويه المقاومة”
وقالت إن تقارير دولية أخرى لم تثبت ادعاءات الاغتصاب أو العنف الجنسي، وإن إسرائيل منعت دخول لجان تحقيق مستقلة إلى غزة.
وطالبت الحركة بسحب التقرير فوراً.
الأرقام التي صاغت السردية: قتلى، رهائن، وملف محاسبة مفتوح
بحسب العفو الدولية والسلطات الإسرائيلية أدّى الهجوم إلى:
1200 قتيل في إسرائيل
251 رهينة نُقلوا إلى غزة
44 منهم كانوا متوفين منذ البداية
إطلاق سراح معظم الرهائن بين 2023 و2025
أما في غزة، فالحرب التي تلت الهجوم أدّت إلى:
أكثر من 70 ألف قتيل فلسطيني حتى نهاية 2025
تهجير شبه كامل للسكان
دمار واسع النطاق
المحكمة الجنائية الدولية: طريق طويل ومعقّد نحو العدالة
أصدرت المحكمة الجنائية الدولية:
طلبات توقيف بحق هنية والضيف والسنوار في 2024
ثم سحبتها بعد مقتلهم لاحقاً
ولا تزال مذكرة توقيف ضد نتنياهو وغالانت سارية
لكن غياب القدرة على التنفيذ يجعل مسار العدالة سياسياً أكثر منه قضائياً.
بين تقريرين متناقضين: “جرائم حماس” مقابل “إبادة إسرائيل”
المفارقة البارزة أنّ العفو الدولية نفسها اتهمت إسرائيل في 2024 و2025 بارتكاب إبادة جماعية في غزة، وهو الاتهام الذي رفضته تل أبيب بشدة.
هذا التوازي في التقارير حول الطرفين يضع المجتمع الدولي أمام سؤال مركزي:
هل يمكن تحقيق عدالة حقيقية في نزاع تُستخدم فيه حقوق الإنسان كسلاح سياسي؟
خلاصة: تقرير يهزّ الروايات.. لكنه لا يغيّر الوقائع على الأرض
تقرير العفو الدولية أضاف طبقة جديدة من التعقيد:
سياسياً، عزّز الانقسام الدولي حول كيفية فهم أحداث 7 أكتوبر.
حقوقياً، فتح الباب أمام تصنيفات قانونية قد تُستخدم مستقبلاً في ساحات المحاسبة.
ميدانياً، لا يغيّر التقرير شيئاً في واقع غزة أو إسرائيل اليوم، لكنه سيظل جزءاً من ملف ضخم يتشكل منذ سنوات.
ومهما اشتدّ الجدل، يبقى أنّ الضحايا على الجانبين هم من يدفع الثمن الأكبر، بينما تتنافس الروايات على تسجيل نقاط في حرب لا تنتهي.



