دمج قسد في الجيش السوري: مناورة أميركية أم تغيير جذري في معادلة الأمن؟
ماذا يعني انفتاح واشنطن على دمشق بعد سقوط الأسد؟
بعد تصريحات الأدميرال براد كوبر، قائد القيادة المركزية الأميركية، بشأن دمج قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في الجيش السوري وتعزيز التعاون مع دمشق، بات واضحاً أن واشنطن تعيد رسم خرائط نفوذها في سوريا وفق مقاربة مختلفة تماماً عمّا كانت عليه قبل سقوط نظام الأسد.
يُنظر إلى هذا التوجّه بوصفه أكبر تحول في السياسة الأميركية تجاه دمشق منذ عام 2011، خصوصاً أن الكلام يأتي من القيادة المركزية التي تُدير معظم العمليات العسكرية على الأرض السورية.
إعادة تعريف الأمن: ما الذي تريده واشنطن؟
ترى القيادة المركزية أن دمج قسد ضمن الجيش السوري يشكل مدخلاً لخلق قوة عسكرية سورية موحدة قادرة على ضبط الحدود الشرقية ومكافحة فلول داعش.
لكن هذا الطرح لا يبدو مجرد تفصيل عابر، بل يعكس:
رغبة أميركية في إنهاء ازدواجية السلاح في شمال شرق سوريا.
تجنّب سيناريو فراغ أمني قد تستفيد منه إيران أو خلايا داعش.
إرسال رسالة لبقية الفاعلين الإقليميين بأن دمشق الجديدة لاعب لا يمكن تجاهله.
كوبر أكد أن واشنطن نفذت خلال أكتوبر وحده أكثر من 20 عملية مشتركة مع السلطات السورية ضد داعش، في مؤشر واضح على مستوى التنسيق المتصاعد.
ما الذي يعنيه ذلك لدمشق؟
دمشق تنظر إلى هذا التعاون من زاويتين:
مكسب سيادي يعيد لها جزءاً من السيطرة على مناطق كانت خارج نفوذها.
فرصة استراتيجية لتقليص اعتماد قسد على الدعم الأميركي تدريجياً، تمهيداً لدمجها الكامل لاحقاً.
لكن التحدي الأكبر يكمن في قدرة الحكومة السورية على احتواء البنية السياسية والعسكرية لقسد من دون إشعال حساسيات محلية أو صدامات داخلية.
هل تتغير خريطة الشمال؟
في حال تحقق الدمج، سنكون أمام خريطة جديدة:
جيش سوري موحد يمتد من الحسكة إلى دير الزور.
حدود شرقية مضبوطة بالكامل بالتعاون مع التحالف.
تراجع وزن الفصائل الموالية لإيران في البادية.
كل ذلك قد يعني بداية مرحلة إعادة بناء مؤسسات الدولة على أسس جديدة، وربما إنهاء حقبة الانقسام الذي طبع سنوات ما بعد الحرب.
داعش: العدو الذي يعيد الجميع إلى الطاولة
رغم انحسار التنظيم، لا تزال خلاياه الناشطة في البادية تشكّل ذريعة حقيقية لتنسيق أميركي-سوري مستمر.
واشنطن تقول صراحة: “عدم عودة داعش أولوية مشتركة”.
وهذه الجملة وحدها كفيلة بتفسير الكثير من التحولات الجارية.



