واشنطن تطلق عصر الانتحاريات الذكية: لماذا تختبر أميركا سلاحاً إيرانياً بملامح أميركية؟
تحوّل عسكري يعيد رسم معادلة المسيرات في الشرق الأوسط
في لحظة تعكس تحوّلاً نوعياً في التفكير العسكري الأميركي، أعلنت القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم) عن إنشاء أول وحدة هجومية للطائرات الانتحارية في الشرق الأوسط، تعتمد على نموذج مستوحى مباشرة من الطائرات الإيرانية التي غيّرت ملامح الحروب خلال العقد الأخير.
الوحدة التي تحمل اسم “قوة العقرب الضاربة” ليست مجرد تشكيل جديد، بل إشارة واضحة إلى أن واشنطن قررت خوض سباق المسيرات الرخيصة التي أتقنتها إيران ووكلاؤها، ولكن بالتكنولوجيا الأميركية.
مسؤول في سنتكوم أكّد لـ MBN أن الهدف هو “تسريع تزويد المقاتلين بقدرات جديدة تردع الجهات الخبيثة”، ووصف منصة LUCAS بأنها “منخفضة الكلفة، قابلة للتطوير، وتعمل خارج مدى البصر”.
ما الذي يدفع القوة الأكبر في العالم إلى بناء نسختها الخاصة من “شاهد-136” الإيرانية؟
لماذا الآن؟
جاء الإعلان الأميركي وسط بيئة أمنية إقليمية متوترة للغاية:
تصاعد الهجمات على القواعد الأميركية بعد السابع من أكتوبر
مقتل ثلاثة جنود أميركيين في الأردن بعد ضربة مصدرها فصيل مدعوم من إيران
تكثيف الحوثيين هجماتهم بالطائرات والصواريخ ضد السفن في البحر الأحمر
إطلاق إيران أكثر من 170 مسيّرة نحو إسرائيل في 2024
كل ذلك أظهر أن خصوم واشنطن يعتمدون على سلاح رخيص قادر على إنهاك الدفاعات الباهظة.
واشنطن فهمت الرسالة:
في عصر المسيرات، التفوق لا يقوم فقط على التكنولوجيا الفائقة، بل أيضاً على معادلة السعر مقابل القدرة.
دروس من أوكرانيا: القتال بالطائرات الرخيصة
شهدت الحرب الأوكرانية تحوّلاً جذرياً في مفهوم القوة الجوية. فبعدما بدأت المعارك بطائرات متقدمة مثل بيرقدار، اتجه الطرفان سريعاً إلى طائرات رخيصة، معدّلة يدوياً، بل ومزوّدة بأشرطة لاصقة لحمل القنابل.
لكن اللحظة الحاسمة كانت ظهور “شاهد-136” بكميات ضخمة في الترسانة الروسية:
كلفة بين 20 و50 ألف دولار
قدرة على ضرب البنى التحتية
فعالية هائلة في إغراق الدفاعات الجوية
واشنطن استخلصت الدرس:
لا يمكن مواجهة الطائرات الرخيصة بصواريخ باهظة الثمن إلى ما لا نهاية.
LUCAS: نسخة أميركية من “شاهد” لكن بقلب تكنولوجي غربي
بحسب تقارير متخصصة، صُممت LUCAS بعد دراسة هندسية لطائرة “شاهد-136” حصل عليها الجيش الأميركي قبل سنوات.
النتيجة كانت منصة هجومية:
لا تحتاج مدرجاً للإقلاع
تُطلق من منصات بسيطة أو عربات
تحمل رأساً متفجراً
تعمل عبر مسار مبرمج أو قيادة محدودة
تحلق لمسافات طويلة خارج خط البصر
بكلمات أخرى:
هي انتحارية ذكية، قادرة على ضرب أهداف بعيدة بكلفة منخفضة ومخاطر معدومة على الطيارين.
أين ستُستخدم؟ ومن سيشغّلها؟
لم تكشف القيادة المركزية عن مواقع انتشار القوة الجديدة، لكن المؤشرات تفيد بأنها:
ستعمل في قواعد متعددة في الشرق الأوسط
ستكون جاهزة لضرب مواقع داخل العراق أو اليمن عند الحاجة
ستُستخدم في عمليات دقيقة لا تستدعي طائرات مأهولة أو صواريخ باهظة
هذا يعني أنها ستكون سلاح الرد السريع ضد أي هجمات مستقبلية من الفصائل المدعومة من إيران.
عهد جديد من الحرب منخفضة الكلفة
تشير التجربة الأميركية الجديدة إلى أن واشنطن تدخل رسمياً مرحلة جديدة من سباق السلاح:
وداعاً لاحتكار التفوق الجوي عبر الطائرات العملاقة
أهلاً بحقبة الأسراب الرخيصة القابلة للخسارة
“قوة العقرب الضاربة” ليست مجرد سرب جديد، بل اختبار أولي لاستراتيجية مستقبلية قد تصبح نموذجاً عالمياً إذا أثبتت فعاليتها.
وفي منطقة يغلي فيها التوتر، قد تكون هذه الطائرات بداية فصل جديد من سباق الذكاء الاصطناعي والضربات الدقيقة منخفضة الكلفة.



