رسائل متصادمة بين واشنطن وتل أبيب: هل تتحول سوريا إلى ساحة التوتر المقبلة؟
تحذيرات أميركية لنتنياهو… ومغازلة سياسية لدمشق في “مرحلة الفرصة الذهبية”
خيبر أونلاين – تحليل سياسي
تتسارع الإشارات المتناقضة في الملف السوري، بين تحذيرات أميركية لإسرائيل من “التجاوزات”، وبين رسائل دعم غير مسبوقة توجهها واشنطن للرئيس السوري الجديد أحمد الشرع، الذي يقدمه ترامب اليوم كطرف قادر على بناء علاقة “مزدهرة” مع إسرائيل.
الرسالة الواضحة: سوريا لا تريد مواجهة مع إسرائيل… لكن تل أبيب قد تدفعها إليها.
واشنطن لنتنياهو: كفاك في سوريا
كشف مسؤول أميركي رفيع أن الإدارة الأميركية طلبت من بنيامين نتنياهو وقف التوغلات والانتهاكات داخل سوريا، معتبراً أن استمرارها قد يدفع دمشق من “الحياد” إلى “العداء”.
وقال المسؤول إن واشنطن تعتقد أن سوريا الجديدة لا ترغب في فتح جبهة مع إسرائيل، وأن التصعيد الإسرائيلي المستمر “قد يدفع الأمور إلى ما لا تريده أيّ جهة”.
هذه الرسالة غير المعتادة تعكس – وفق مراقبين – رغبة أميركية بإبقاء التسوية السورية – الإسرائيلية المحتملة على قيد الحياة.
ترامب: “الشرع يعمل بجد… وهذه فرصة تاريخية”
في موازاة التحذير لنتنياهو، قدّم ترامب ما يشبه أعلى شهادة حسن سلوك سياسي للرئيس السوري الجديد.
عبر منصته “تروث سوشيال”، كتب ترامب:
إن واشنطن راضية تماماً عن النتائج التي تحققت في سوريا.
إن رفع العقوبات ساعد السوريين بشكل “هائل”.
إن الشرع يعمل “بجد” ويقود بلاده نحو ازدهار محتمل.
وإن على إسرائيل أن تحافظ على حوار قوي مع دمشق.
والأبرز أن ترامب وصف المرحلة الحالية بأنها “فرصة تاريخية لسلام طويل بين سوريا وإسرائيل”.
هذا الموقف يُعدّ تحوّلاً في المقاربة الأميركية، ويعكس رهانا على سوريا الشرع كفاعل إقليمي جديد لا يشبه النظام السابق.
لقاء دمشق: باراك والشرع يناقشان “التسوية المجمدة”
بالتزامن، أعلنت الرئاسة السورية أن الرئيس أحمد الشرع استقبل المبعوث الأميركي توماس براك، بحضور وزير الخارجية أسعد الشيباني.
اللقاء تناول – بحسب البيان – المستجدات الإقليمية، ومن بينها ملفات الحدود الجنوبية، والمفاوضات المجمدة مع إسرائيل، والتي توقفت إثر الخلاف حول الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب السوري.
مصادر متابعة تؤكد أن واشنطن تحاول إعادة إحياء مسار التفاوض، على قاعدة:
“انسحاب مقابل سلام”
لكن إسرائيل تريد “اتفاق سلام” قبل الانسحاب، بينما تشترط دمشق عودة خطوط ما قبل 8 ديسمبر 2024.
التوغلات الإسرائيلية مستمرة… ورسائل متبادلة
رغم الهدوء الرسمي، لم تتوقف العمليات الإسرائيلية داخل الأراضي السورية، وكان آخرها توغل في ريف القنيطرة صباحاً ومساءً.
كما نشرت إسرائيل قوات ومعدات ثقيلة في نقاط حساسة جنوب البلاد، متجاوزة المنطقة العازلة التي أُقرت عام 1974.
دمشق ترى ذلك انتهاكاً لاتفاقات دولية، وتعتبر أن تل أبيب تمارس “توتيراً مقصوداً” لنسف مسار المفاوضات.
من جهتها، تطالب إسرائيل بأن يكون الجنوب السوري “خالياً من السلاح”، لكن الشرع يرفض هذا الطرح مؤكداً أن سوريا “لا تشكل تهديداً لأي دولة”.
هل نحن أمام مسار تطبيع… أم صدام مؤجل؟
المشهد يحمل تناقضات واضحة:
واشنطن تضغط على تل أبيب لوقف التصعيد.
ترامب يفتح الباب لسلام سوري – إسرائيلي طويل الأمد.
إسرائيل تشكك بنوايا دمشق وتواصل التوغلات.
دمشق تريد اتفاقاً يعيد مناطق محتلة منذ سنوات.
وبين هذه المسارات المتقاطعة، يبدو أن واشنطن تريد منع ولادة جبهة جديدة في لحظة يتصاعد فيها الضغط على إسرائيل في لبنان وغزة.
المرحلة المقبلة ستكشف:
هل يصبح الجنوب السوري منصة تسوية… أم مسرح مواجهة مفتوحة؟



