إسرائيل تكبح عودة حزب الله: ضربات تستهدف منشآت “إعمار عسكري” في الجنوب
بين إعادة الإعمار واستعادة النفوذ.. حزب الله يعيد ترتيب أوراقه في الجنوب وسط ضربات إسرائيلية متصاعدة.
محاولات لإعادة التموضع
رغم مرور عام على اتفاق وقف إطلاق النار، تشير التطورات الأخيرة في الجنوب اللبناني إلى أن حزب الله يسعى لإعادة بناء بنيته العسكرية التي تضررت خلال “حرب السيوف الحديدية”.
مصادر أمنية لبنانية وغربية أكدت أن الحزب أعاد تنشيط عدد من المواقع اللوجستية في مناطق وادي بصفور وعدلون وأنصار، مستخدمًا غطاء “إعمار المنشآت المتضررة”، فيما تُتهم مؤسسات مدنية بالعمل لصالح هذا الهدف.
وقال مسؤول عسكري لبناني متقاعد لـ خيبر أونلاين إن الحزب “يحاول إعادة توزيع قواته ووسائل تموينه في الجنوب تحت شعار إعادة البناء، لكنه في الواقع يعيد بناء منظومته القتالية في مواجهة أيّ تصعيد مستقبلي”.
ضربات إسرائيلية دقيقة
ردًا على هذه التحركات، نفّذ الجيش الإسرائيلي خلال الأيام الأخيرة سلسلة غارات استهدفت ما وصفها بأنها “بنى تحتية إرهابية” تابعة لحزب الله وجمعية “أخضر بلا حدود”، التي يقول الإسرائيليون إنها واجهة بيئية تُستخدم لتغطية أنشطة استطلاع عسكرية.
وذكر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أن الغارات “استهدفت معامل لإنتاج الإسمنت ومخازن لوجستية تُستخدم في إعادة تأهيل الأنفاق والمخابئ المدمّرة خلال الحرب السابقة”.
مصادر أمنية في تل أبيب قالت إن الغارات الأخيرة “تأتي في إطار سياسة الردع الاستباقي” التي تهدف لمنع الحزب من إعادة التموضع جنوب نهر الليطاني.
بيروت بين الإدانة والحذر
الرئيس اللبناني جوزاف عون أدان الغارات بشدة، معتبراً أنها “استهداف مباشر للبنى المدنية” وخرق لقرار مجلس الأمن 1701.
إلا أن مراقبين لبنانيين يرون أن الموقف الرسمي يوازن بين الإدانة العلنية والحذر السياسي، خصوصاً في ظل إدراك الحكومة اللبنانية أن حزب الله يتحرك خارج سيطرة الدولة، مما يجعل لبنان عرضة للردود الإسرائيلية المتكررة.
ويرى الخبير الأمني شارل جبور أن “الجنوب يعيش معادلة دقيقة: حزب الله يختبر الخطوط الحمراء وإسرائيل تردّ بقسوة كلما شعرت بأن الحزب يعيد بناء ما دمّرته الحرب”.
استنزاف متبادل
منذ انسحاب القوات السورية من لبنان عام 2005، حافظ حزب الله على شبكة نفوذ عسكرية وأمنية مكّنته من السيطرة على مناطق واسعة في الجنوب والبقاع.
لكن بعد الخسائر الكبيرة التي تكبدها في حرب 2024، تراجعت قدراته التنظيمية والميدانية. ومع ذلك، تشير تقارير استخباراتية غربية إلى أن الحزب تلقى دعمًا متجدّدًا من طهران في مجال التسليح والتدريب، في محاولة لاستعادة توازنه الاستراتيجي.
ويقول مصدر مطّلع لـ خيبر أونلاين إن “إسرائيل تسعى لإبقاء الحزب في حالة إنهاك دائم، من خلال غارات محدودة لكنها متكررة، تمنعه من التقاط أنفاسه أو إعادة بناء خطوطه الدفاعية”.
مشهد مفتوح على التصعيد
رغم الحديث عن التزام نسبي باتفاق التهدئة، إلا أن الجنوب اللبناني يبدو مرشحًا لمزيد من التوتر.
فالضربات الأخيرة ليست مجرد ردود تكتيكية، بل جزء من معركة استخباراتية طويلة الأمد، تسعى فيها إسرائيل إلى تفكيك أي محاولة لإعادة بناء “جيش مصغّر” تابع لحزب الله، فيما يحاول الأخير إثبات أنه ما زال يمتلك القدرة على الردّ عند الحاجة.
وفي ظلّ غياب حلّ سياسي شامل، تبقى الساحة الجنوبية مفتوحة على جولات جديدة من “الاشتباك الهادئ”، الذي قد ينفجر في أي لحظة.



