تهريب السلاح من سوريا إلى حزب الله… ما حقيقته؟
شبكات معقّدة، حدود رخوة، وصراع استخباراتي مفتوح بين دمشق وتل أبيب وبيروت
خَيْبَر أونلاين – تقرير خاص
عملية توقيف واحدة تكشف سؤالاً أكبر
لم يكن توقيف تاجر المخدرات والسلاح اللبناني نوح زعيتر حدثاً أمنياً عادياً. التوقيت وحجم الضجيج السياسي الذي رافق العملية وضعا السؤال الكبير على الطاولة من جديد:
هل يستعيد حزب الله خطوط التهريب من سوريا بعد الضربات الإسرائيلية المتلاحقة؟
زعيتر، الذي وضعته وزارة الخزانة الأميركية سابقاً على لوائح العقوبات بوصفه “مهرّب أسلحة” يرتبط بالفرقة الرابعة في جيش النظام السوري وبشبكات حزب الله، أعاد الضوء إلى ملف ظلّ يتحرك دائماً في الظل: طرق تهريب السلاح من سوريا إلى لبنان.
إسرائيل: الحزب يستعيد قدرته… والتهريب مستمر
خلال الأشهر الماضية، رفعت إسرائيل لهجتها بشأن “عمليات تهريب أسبوعية” تقول إنها تتم عبر الحدود السورية.
وفي منتصف نوفمبر، اتهم الجيش الإسرائيلي الحزب مباشرة “بمحاولة إعادة بناء قوته الصاروخية”، مؤكداً أنه يعمل على إغلاق الممرات البرية الجنوبية القادمة من سوريا “بنجاح كبير، لكن الخطر لا يزال قائماً”.
تقارير مركز “ألما” الإسرائيلي ذهبت أبعد من ذلك، مؤكدة أن شحنات منتظمة -غالباً صغيرة الحجم- تصل إلى لبنان وتشمل:
صواريخ كورنيت المضادة للدروع،
صواريخ غراد،
قطعاً إلكترونية ومكوّنات دقيقة.
ورغم هشاشة الوضع السوري، يرى الإسرائيليون أن البقاع، تحديداً قرب الحدود، ما يزال “العمق الاستراتيجي للحزب” ومركزاً للتخزين والتدريب.
ماذا عن الصواريخ الثقيلة؟
تشير تقديرات ميدانية متعددة إلى أن تهريب الصواريخ الكبيرة أصبح شبه مستحيل، بسبب:
الرقابة الجوية الإسرائيلية،
تقطع الجغرافيا السورية،
تراجع سيطرة الميليشيات الحليفة لإيران،
تشديد الرقابة اللبنانية على المعابر.
لكن الصواريخ الصغيرة والمتوسطة الحجم لا تزال قابلة للمرور عبر سيارات مدنية، ودراجات، وشبكات تهريب تقليدية.
دمشق الجديدة… حدود تختلف عمّا قبل
تغير المشهد السوري بعد وصول أحمد الشرع إلى السلطة. الرجل يقدّم نفسه كخصم لإيران وحزب الله، ويسعى إلى ضبط الحدود لأسباب أمنية وسياسية.
يقول باحثون إن النظام الجديد يخشى أن تصل الأسلحة إلى خصومه أو معارضيه القدامى، لذلك انخفضت مستويات التهريب “المنظّم” إلى حدّها الأدنى.
لكن التهريب “الفردي” لا يزال ممكناً عبر:
عناصر محلية،
شبكات قبلية،
مهرّبين محترفين يعملون مقابل المال في السوق السوداء.
تهريب من سوريا… إلى إسرائيل أيضاً؟
في أكتوبر الماضي، أعلن الجيش الإسرائيلي إحباط محاولة تهريب أسلحة من سوريا إلى داخل إسرائيل نفسها.
وفي حادثة أخرى، وُجهت تهم لأربعة جنود إسرائيليين تورطوا في شبكة تهريب تضم 12 شخصاً عبر الحدود قرب بلدة حضر السورية.
هذا التطور يعكس حقيقة أكبر:
السوق السورية باتت مفتوحة على كل الاتجاهات، وليس فقط على خط حزب الله.
توقيف نوح زعيتر… ضربة للتمويل أم للتهريب؟
اعتقال زعيتر، بحسب محللين، يمسّ شبكة كانت تؤمّن للحزب:
التمويل،
السلاح الخفيف،
الدعم اللوجستي.
لكن الضربة، رغم أهميتها، ليست كافية لملاحقة مشروع الحزب الكبير، لأن الحزب يعتمد منذ سنوات على شبكات أوسع وأعمق وأكثر تنظيماً من أي تاجر منفرد.
حزب الله: عافية عسكرية… بمدى محدود
في خطاب أخير، أعلن الأمين العام أن الحزب “استعاد عافيته”.
لكن تقييمات أمنية لبنانية وإقليمية تشير إلى واقع مختلف:
الحزب يستعيد منظومته تدريجياً، إنما في حدود ضيقة، لأن:
الضربات الإسرائيلية لا تزال تضرب مخازنه بدقة،
خطوط سوريا لم تعد سالكة بالكامل،
الرقابة الجوية والبرية شديدة،
البيئة اللبنانية الداخلية أكثر حساسية مما كانت قبل سنوات.
خلاصة خَيْبَر أونلاين
رغم كل الروايات الإسرائيلية واللبنانية، يمكن رسم معادلة واضحة:
نعم، التهريب مستمر لكن بحجم أصغر.
نعم، الحزب يعيد بناء جزء من قدراته لكن عبر أدوات محدودة.
لا، سوريا لم تعد ممراً مفتوحاً كما كانت.
ولا، التهريب لم يعد استراتيجية واسعة بل عمليات متقطعة تعتمد على شبكات فردية.
بكلمات أخرى:
الخطوط لم تُقطع بالكامل… لكنها لم تعد الطريق السريع الذي كان في السابق.



