خريطة جديدة لغزة: صعود الجماعات المناهضة لحماس بين اتهامات العمالة وتحوّلات ما بعد الحرب
جماعات مسلّحة تُعيد تشكيل خارطة القوة جنوب القطاع وسط اتهامات بالتنسيق مع إسرائيل وتراجع قبضة حماس في مناطق محدودة
مع مقتل ياسر أبو شباب، الشخصية الأكثر إثارة للجدل في المشهد العسكري الموازي داخل غزة، برزت جماعات مسلّحة تقول إنها تسعى لفرض واقع جديد في المناطق التي تسيطر عليها إسرائيل جنوب القطاع، معلنة استمرار ما تسميه “الحرب على حماس”. وبينما تصفها الحركة بأنها “عملاء” و”أدوات للاحتلال”، تصر تلك الفصائل على أن لها مشروعاً يتجاوز التنسيق الميداني إلى رؤية دائمة لما بعد الحرب.
فوضى القوة: فراغ تملؤه جماعات صغيرة ولكن مؤثرة
منذ وقف إطلاق النار، ظهرت مجموعات مسلّحة محلية تدّعي كسر احتكار حماس للعمل الأمني، خصوصاً في المناطق التي يسيطر عليها الجيش الإسرائيلي. ورغم أنها مجموعات محدودة العدد، إلا أن توسعها إلى ما يقارب ألف عنصر، وفق مصادر أمنية مصرية، يضعها في خانة اللاعبين الجدد في جنوب القطاع.
وبمقتل أبو شباب، الرجل الذي اتُّهم بالتنسيق العلني مع إسرائيل، انتقلت القيادة إلى غسان الدهيني، الذي ظهر في عدة مقاطع مصوّرة محاطاً بمسلحين ملثّمين يتعهدون بمواصلة “النهج ذاته”.
بين الحاضنة الشعبية والاتهامات الثقيلة
السؤال الأساسي الذي يطرحه مراقبون فلسطينيون: هل لهذه الجماعات قاعدة شعبية فعلاً؟
الجواب الأقرب للواقع: لا.
يقول دبلوماسي غربي إنّ هذه التشكيلات “لا تمتلك أي امتداد اجتماعي”، وإن حضورها مرتبط حصراً بالمساحة التي توفرها السيطرة الإسرائيلية. وتؤكد مصادر في غزة أن غالبية السكان ينظرون إليها باعتبارها مجموعات “خارجة عن الإجماع الوطني” ومتهمة بالعمالة.
ورغم هذا الرفض الشعبي، فإن ضعف حماس خلال الحرب وتراجع قدرتها على الحسم السريع في بعض مناطق الجنوب سمح لهذه المجموعات بالتحرك بشكل أوسع.
تحولات داخلية في غزة: حماس بين إعادة التموضع وتحديات السيطرة
رغم خسائرها العسكرية، تقول مصادر في الحركة إن لديها ما يكفي من المقاتلين للحفاظ على سيطرتها في غالبية القطاع. لكن استمرار الوجود الإسرائيلي في نصفه تقريباً خلق “منطقة رمادية” مفتوحة أمام الجماعات المناهضة لها.
وتصف حماس هذه الجماعات بأنها “أدوات لإسرائيل” وتتوعد بملاحقة عناصرها، مؤكدة أن مقتل أبو شباب “مصير كل من خان شعبه”، في رسالة موجهة إلى الدهيني ورجاله.
دعم من الخارج؟
بينما تتهم حماس هذه الجماعات بتلقي دعم مباشر من إسرائيل، يؤكد قادة تلك المجموعات أن الدعم يأتي من “جهات دولية صديقة” دون تحديد هوية تلك الجهات.
ورغم نفي تلقي السلاح من إسرائيل، فإن الاعتراف بوجود “تنسيق لإدخال الطعام والمواد الضرورية” يعيد طرح أسئلة حول عمق علاقتها بالجيش الإسرائيلي.
مشروع “غزة الجديدة”: رؤية على الورق؟
تتحدث الجماعات عن خطط لإقامة “مناطق آمنة” ومخيمات جديدة تستوعب النازحين، في صدى واضح لرؤية طرحها بعض المسؤولين الأميركيين، تتضمن إنشاء تجمعات سكنية في مناطق تسيطر عليها إسرائيل.
لكن غياب الإطار السياسي، ورفض الفلسطينيين الواسع لهذه التشكيلات، يجعل “المشروع” أقرب إلى أداة ضغط تكتيكية منه إلى مسار سياسي فعلي.
مستقبل غامض: بين تثبيت حكم حماس ومحاولات إعادة تشكيل القطاع
الواضح أن إسرائيل تستخدم هذه الجماعات لخلق ضغط داخلي موازٍ على حماس، في الوقت الذي تتعثر فيه خطة ترامب لمستقبل غزة.
لكن رغم الضجيج الإعلامي، يؤكد محللون فلسطينيون أن هذه الجماعات “لن تكون جزءاً من مستقبل غزة” لأن المجتمع الفلسطيني يعتبرها خارج الشرعية الوطنية.



