بيروت وتل أبيب.. تفاوض تحت الطاولة
مصادر تكشف أن الهدنة بين لبنان وإسرائيل قد تتحول إلى اتفاق أمني مشروط بنزع سلاح حزب الله
في تطوّر سياسي غير مسبوق منذ وقف إطلاق النار في نوفمبر الماضي، كشفت مصادر مطلعة لـ”خيبر أونلاين” أن المفاوضات المباشرة بين لبنان وإسرائيل لم تعد مستبعدة، مشيرة إلى أن الاتصالات الجارية “تتم عبر قنوات عسكرية غير معلنة” وتهدف إلى “بلورة تفاهم جديد يضمن الهدوء في الجنوب”.
ووفقاً للمصادر، فإن الهدف الأساسي من هذه المفاوضات هو تثبيت الهدنة التي أنهت الحرب الأخيرة، مقابل ترتيبات أمنية تشمل سحب سلاح حزب الله من مناطق محددة جنوب نهر الليطاني، في خطوة قد تشكّل تحولاً جذرياً في المشهد اللبناني.
من الهدنة إلى التفاهمات الأمنية
تأتي هذه التطورات بعد عام تقريباً على انتهاء الحرب بين حزب الله وإسرائيل، والتي استمرت أكثر من اثني عشر شهراً وتسببت بخسائر بشرية ومادية هائلة. ورغم الهدنة التي تم التوصل إليها بوساطة أميركية، لم تتوقف الغارات الإسرائيلية بشكل كامل، إذ تقول تل أبيب إنها تستهدف “بنى تحتية تابعة للحزب” وتمنع إعادة بناء قدراته العسكرية.
وفي تصريحات حديثة، أشار الرئيس اللبناني جوزاف عون إلى أن “الحوار هو الطريق الوحيد لتفادي التصعيد”، مضيفاً:
“سبق للبنان أن تفاوض مع إسرائيل بوساطة أميركية لترسيم الحدود البحرية، فما الذي يمنع تكرار التجربة لحلّ الخلافات العالقة؟”.
لكن موقف حزب الله بدا على النقيض تماماً، إذ شدّد النائب علي المقداد على أن الحزب “لن يقبل بأي تفاوض مباشر مع العدو”، معتبراً أن الغارات الإسرائيلية الأخيرة “تهدف إلى جرّ لبنان إلى طاولة المفاوضات تحت الضغط”.
إسرائيل تلوّح بالسلام.. بشروط
من جهته، كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد دعا الشهر الماضي إلى “سلام ممكن مع لبنان”، شريطة “نزع سلاح حزب الله وإثبات التزام الحكومة اللبنانية بالقرار 1701”.
ويرى مراقبون في تل أبيب أن ما يجري ليس سوى مرحلة انتقالية نحو اتفاق أمني أشمل، تدعمه واشنطن وبعض الدول العربية التي تشجّع على “إغلاق جبهة الشمال” استعداداً لترتيبات إقليمية جديدة.
حزب الله أمام واقع جديد
داخلياً، يجد حزب الله نفسه أمام معادلة معقدة: فالحزب الذي فقد جزءاً من نفوذه بعد سقوط النظام السوري السابق، يتعرّض لضغوط سياسية واقتصادية متزايدة، وسط تراجع الدعم الإيراني وتنامي الدعوات في الداخل اللبناني لـ”استعادة السيادة الوطنية الكاملة”.
ويقول أحد الخبراء في الشأن اللبناني لـ”خيبر أونلاين”:
“المفاوضات غير المعلنة بين بيروت وتل أبيب هي في جوهرها محاولة لترتيب مرحلة ما بعد السلاح، أي إعادة هيكلة القوة في الجنوب بحيث تعود السيطرة للدولة اللبنانية وحدها”.
الطريق إلى التسويات
يبدو أن لبنان يقف أمام مفترق طرق تاريخي: إما المضي في تفاهمات جديدة تحفظ حدوده الجنوبية، أو العودة إلى دوامة التصعيد التي تهدّد استقراره الهش.
وفي كلتا الحالتين، فإن ما يجري الآن يشير إلى تحوّل تدريجي في المعادلة القديمة التي حكمت العلاقة بين بيروت وتل أبيب لعقود، من الصراع المفتوح إلى الحوار المشروط.



