هل بدأ موسم تفكيك الإخوان؟.. قراءة في التحولات الأميركية وارتدادها الإقليمي
تصعيد أميركي يطوّق الجماعة من أطرافها الأكثر نشاطاً
ترافقت العملية العسكرية الإسرائيلية الأخيرة في ريف دمشق الجنوبي، وما رافقها من إعلان اعتقال عناصر من الجماعة الإسلامية اللبنانية، مع خطوة أميركية غير مسبوقة: بدء إجراءات تصنيف ثلاثة فروع من الإخوان المسلمين - في لبنان والأردن ومصر - كمنظمات إرهابية أجنبية. وبين هذين الحدثين تتشكل ملامح مرحلة جديدة تضيق فيها هوامش الحركة أمام الجماعة وشبكاتها العابرة للحدود.
جذور التشابك: شبكة إخوانية تحولت إلى ذراع عسكرية
ظهر اسم الجماعة الإسلامية في لبنان مطلع الستينيات متأثراً بصعود حركة الإخوان في المنطقة. بمرور الوقت اتخذت الجماعة منحى عسكرياً عبر “قوات الفجر”، التي نشطت ضد الاحتلال الإسرائيلي قبل أن تتراجع، ثم تعود مجدداً إلى الواجهة بعد فتح حزب الله جبهة الجنوب في أكتوبر 2023.
تكشف حادثة استهداف القيادي في حماس صالح العاروري في الضاحية الجنوبية - ومقتل مرافقيه المنتمين لقوات الفجر - عمق التشابك بين الجماعة وحماس، عسكرياً وتنظيمياً.
واشنطن تغيّر المقاربة: استهداف الفروع لا الأيديولوجيا
المحاولات الأميركية السابقة لتصنيف الإخوان ككيان شامل فشلت بسبب طبيعة الجماعة اللامركزية. الفكرة الجديدة التي تعتمدها إدارة ترامب تقوم على استهداف الفروع الأكثر تورطاً في العنف.
في لبنان والأردن، ترى واشنطن أن العلاقة مع حماس - المصنفة إرهابية - واضحة بما يكفي لتمرير التصنيف قانونياً.
في مصر، يكفي الربط المثبت بين تنظيم “حسم” وجماعة الإخوان لتبرير التصنيف.
الأردن: انتقال من المعارضة “الموالية” إلى خطاب العنف
لطالما لعب الإخوان في الأردن دور “المعارضة المنضبطة”. لكن بعد أكتوبر 2023، ظهرت مؤشرات مختلفة:
دعوات علنية للعنف في الشارع.
محاولات تصنيع مسيرات وصواريخ.
عمليات تسلل نحو الحدود مع إسرائيل.
ويشير خبراء إلى نفوذ واسع لحماس داخل الجماعة الأردنية، وصل حد التأثير في مجلس شورى الإخوان نفسه.
لماذا استُبعدت قطر وتركيا وسوريا من القرار التنفيذي؟
الاستبعاد ليس تنازلاً، بل جزء من استراتيجية “التصعيد التدريجي”:
تبدأ واشنطن بالفروع الأكثر نشاطاً عسكرياً.
ثم تنتقل لاحقاً إلى الكيانات التي تمولها وتدعمها، سواء في الدوحة أو أنقرة.
أما سوريا، فاستبعادها يرتبط بالمسار الأميركي الهادف إلى دعم الرئيس أحمد الشرع ومنع تمكين الإخوان من العودة سياسياً. فالشرع يرى الإخوان منافساً منظماً قد يهدد نفوذ الدولة الجديدة.
سوريا بعد الأسد: محاولات زعزعة، وحكومة تراقب
في المقابل، تكشف تقارير متعددة عن نشاط لفلول النظام السابق - من موسكو - لتمويل مجموعات مسلحة داخل الساحل السوري.
ترى الحكومة السورية الحالية أن الإخوان يسعون للعودة عبر هذا المناخ المربك، لكن القرار الأميركي بعدم شملهم في التصنيف يهدف إلى إبقاء الشرع داخل المعادلة الأميركية بعيداً عن الضغوط.
هل حان قطاف الإخوان؟
تشير التطورات إلى أن واشنطن تتجه نحو نزع أسنان الجماعة لا نزع جذورها:
ضرب شبكات التمويل.
تجميد الأنشطة العابرة للحدود.
الحد من قدرات التأثير العسكري والسياسي.
وبينما يتردد صدى الأمر التنفيذي في الإقليم، يبدو أن الجماعة تدخل مرحلة “الحصار القانوني” بعد سنوات من تمددها عبر الحرب والاقتصاد والشبكات السرية.



