إسرائيل تستعرض جاهزيتها: مناورة شاملة ورسائل نارية على كل الجبهات
تصعيد تدريبات، توسع عمليات، وتمرير رسائل سياسية في لحظة إقليمية شديدة التعقيد
خَيْبَر أونلاين – تحليل عسكري وسياسي
مناورة غير معلنة… تُكشف بعد انتهائها
على وقع توتر متصاعد في الجبهات الشمالية والجنوبية، أنهى الجيش الإسرائيلي تدريبات مفاجئة واسعة النطاق حملت اسم “مِجِن عوز”، جمعت فيها هيئة الأركان، الأذرع العسكرية كافة، ووحدات القيادة العليا والميدانية.
التمرين، الذي استمر يومين، بدأ باختبار “مباغت” لقيادة المنطقة الشمالية في الجولان، وشارك فيه رئيس الأركان إيال زمير شخصياً، في خطوة تشير إلى حساسية المرحلة.
وفق التقديرات العسكرية، هدفت المناورة إلى اختبار:
سرعة الانتقال من الدفاع إلى الهجوم،
استجابة القيادات الميدانية تحت ضغط زمني،
التنسيق بين الجو والبحر والبر والاستخبارات،
التعامل مع تزامن تهديدات في أكثر من جبهة.
زمير أكد أن التمرين “محطة محورية” في إعادة بناء الجاهزية بعد الحرب الأخيرة، وأن الاستعداد يجب أن يتحول إلى “هجوم حاسم وسريع عند الحاجة”.
من الشمال إلى الجنوب… الجيش على وضعية “استنفار موسّع”
لم تقتصر التدريبات على الجبهة الشمالية. وحدات سلاح الجو، البحرية، الجبهة الداخلية، والقيادات الإقليمية الثلاث شاركت في نماذج مختلفة من السيناريوهات المبنية على دروس الحرب السابقة.
ومع اختتام المناورة، أعلن الجيش عن عملية أمنية واسعة في شمال الضفة الغربية بمشاركة الشاباك وحرس الحدود، هدفها “إحباط بنى مسلحة منظمة” تعمل، حسب الرواية الإسرائيلية، على الاستفادة من المناخ الإقليمي لتوسيع نفوذها.
هذه العملية، التي قد تمتد لأيام، تأتي ضمن ما تسميه إسرائيل “الدفاع الوقائي” – أي ضرب البنى التحتية للمجموعات المسلحة قبل أن تتحول إلى تهديد فعلي.
غزة: وقف إطلاق نار هش… وضربات “مدروسة”
في قطاع غزة، يواصل الجيش الإسرائيلي تنفيذ ضربات محدودة ضد مواقع تقول إنها تابعة لحركة حماس.
رغم أن وقف إطلاق النار ما يزال قائماً شكلياً، إلا أن وتيرة الغارات في الأيام الأخيرة تشير إلى أن المسافة بين التهدئة والانفجار قصيرة جداً.
وتُرجع مصادر أمنية هذا السلوك إلى:
غياب تفاهم واضح حول المرحلة الثانية من الترتيبات الدولية،
القلق من إعادة حماس بناء منصاتها،
ومراوحة المسار السياسي بين واشنطن وتل أبيب.
الشمال: ضربة الطبطبائي… وردّ محتمل
على الجبهة اللبنانية، تستمر العمليات الجوية ضد مواقع حزب الله في الجنوب والبقاع، في ظل مؤشرات على استعداد الحزب للرد على اغتيال القيادي هيثم الطبطبائي في الضاحية الجنوبية.
إسرائيل تبرر وتيرة ضرباتها بأنها نتيجة “عجز الدولة اللبنانية عن نزع سلاح الحزب”، ما يفتح الباب أمام اتساع هامش العمل العسكري على امتداد الحدود.
البُعد السياسي: هل يخوض نتنياهو معركة أخرى؟
ترافق التصعيد الميداني مع تحليلات سياسية ترى أن إسرائيل لا تتحرك فقط بدافع أمني بحت، بل أيضاً لأسباب تتعلق بالداخل الإسرائيلي.
أبرز القراءات تشير إلى أن:
المناخ الأمني يمنح نتنياهو قدرة أكبر على المناورة،
التصعيد يخدم تعطيل الخطة الأميركية الخاصة بغزة،
خلق واقع ميداني جديد يجعل الانسحاب أو التدويل أكثر تعقيداً.
بمعنى آخر، إسرائيل تُنشئ حقائق على الأرض قد يصعب التراجع عنها لاحقاً.
إيران: الملف الدائم في الخلفية
في خلفية كل الجبهات تبقى إيران.
تشير تقديرات استخباراتية حديثة إلى أن طهران تُعيد بناء برنامجها الباليستي، وربما تعيد اختبار حدود الردع الأميركي – الإسرائيلي في حال لاحظت فجوة في الجبهة الشمالية أو في الساحة الفلسطينية.
بالنسبة لإسرائيل، هذا الملف هو الأكثر استراتيجية، والأكثر تعقيداً، وقد يحدد شكل العام المقبل بالكامل.
خَيْبَر أونلاين: مشهد مفتوح بلا أفق واضح
من المناورات المفاجئة، إلى العمليات في الضفة، إلى الضربات في غزة ولبنان، يتضح أن إسرائيل تتحرك وفق استراتيجية واحدة: رفع منسوب الجاهزية في كل الاتجاهات.
لكن السؤال الجوهري يبقى:
هل تتجه إسرائيل إلى مواجهة فعلية؟
أم أنها تستخدم الميدان كورقة ضغط سياسية في توقيت إقليمي حساس؟
المشهد لا يزال على “صفيح ساخن”… والجبهات كلها قابلة للاشتعال بلحظة واحدة.



